الثلاثاء، 1 مايو 2012

محمد دياب


كيف أستطاعت تلك الموهبة الفذة أن تنجو من براثن قتلة المواهب المُنتشرين في أرض  المعمورة غالباً لن أجد إجابة على ذلك السؤال حتى لو وصل الأمر بي أن أسأله بصفة شخصية و على الرغم من إمتلاكي لرقم هاتفه غلا إنه لا يرُد اغلب الوقت هذا أمر لا يُضايقني على الإطلاق فهو دائماً مشغول بعمله و بحياته و بنشاطه و لكني أعتقد أنه مشغول أكثر بكونه إنسان.


قد لا تعرفه جيداً إذا كُنت من مُتابعي الأفلام ناظراً إلى الأبطال التي تتحرك أمامك غير ناظر لمن أختبأ خلف الستار مُحركاً إياهم كعرائس مسرحية تؤدي وظيفتها كما رسمها لها تماماً و من يخرج عن الإطار سيتسبب في ضياع العمل بأكمله يلعب دور القائد أو بالتحديد دور راسل كرو في فيلم جلاديتور و هو يُطالب زُملائه المجالدين بالإنتظار حتى تلك اللحظة الحاسمة التي سينقضوا فيها على المُحاربين.


قد لا تعرفه جيداً إذا كُنت بعيد عن عالم الفيسبوك و التويتر فهو موجود بكثافة قد لا تكون صديقه أو قد لا تكون مُشترك في صفحته الشخصية و لكنك ستجد من نشر تعليق له أو من قم بالريتويت لإحدى كلماته التي ستعرف من خلالها لماذا ذكرتُ سابقاً إنه مشغول بكونه إنسان لأن على أرض المحروسة وجدت الكثير ممن لهم كُل صفات الإنسان الفسيولوجية إلا أنهم لا يمُتون إلى هذا العالم الإنساني بأي درجة من درجات على الإطلاق فالإنسان يتألم و يشعُر و يثور و يغضب لكُل ما يحدُث لبني جنسه من الإنسان أم أولئك فلا يفرق معهم أي شيئ إلا ذاتهم التي يجتهدون في تقدسيها و يجتهدون في إقناع الناس بتقديسها.


محمد دياب ينتمي إلى عالم وائل غُنيم و مُصطفى النجار و باسم يوسف و البرادعي و محمد يُسرى سلامة و بلال فضل و مُعتز بالله عبد الفتاح و هبة رؤوف و آخرون تضيق الذاكرة بكتابة أسمائهم هذا العالم الذي فيه يختلفون دون أن يكرهوا يتفقون دون مصلحة شخصية يمدحون الآخرين على جُهدهم يشكورون لهم صُنعة إيديهم بل و يُشجعوك على أن تنطلق معهم إلى آفاق رحبة مليئة بالكثير و الكثير من المعاني النبيلة هُم يختلفون فقط في كونهم ذوي قُدرة على الشعور بالآخر على الشعور بالإنسان المقهور المظلوم المسحوق الممحوق بكُل عوامل الكراهية و التعصب و العُنصرية التي نتوارثها جيلاً بعد جيل.


محمد دياب الذي ادرك أن عمله في مجال دراسته لن يستطيع ان يُوفر له ما كان يصبو إليه فشد الرحال مُطارداً حُلمه إلى نيويورك بالولايات المُتحدة الأمريكية ليعود كاتب سيناريو و مُعد برامج و شاعر و مُخرج و فوق كُل ذلك إنسان ذو مشاعر مُرهفة حقيقية لم يخشى أن تقوده إلى مواجهة مع عالم الإخراج و الإنتاج و صنع ما يُريد ان يُقدمه كرسالة في فيلمه الوحيد من إخراجه 678 لم يخشى من أن لا يجذب الجمُهور الذي يبحث عن بعض من مشاهد ساخنة أو عنيفة أو كوميديا ليعود بعدها إلى مُمارسة حياته بكُل ما بها من أخطاء و سقطات أصر على أن يقول هُناك غلط في هذا المُجتمع الذي يُمثل التيار الإسلامي أغلبية برلمانية به دون أن يكون هُناك إتجاه ديني أخلاقي واضح لهذا المُجتمع الذي له مراكز أولى في البحث عن الجنس عبر صفحات الإنترنت و مراكز أولى في التحرُش بالنساء فأعد هذه الرسالة كأفضل ما يكون في فيلمه الذي مثل لي أنا شخصياً صدمة عنيفة جعلتني أُعيد النظر في تقييمي للسينما المصرية فهي ليست كُلها اللمبي و بون سواريه بل هُناك بديل آخر هُناك محمد دياب.


لا أدري كيف بدأ الأمر معه و تحول إلى قضية من قضاياه و أخذ يُدافع عنها بكل أسلحته و قدراته و وموهبته و لكني هُنا أتخيله و هو عائد من الولايات المُتحدة الأمريكية مُشتاق إلى مصر إلى مدينته الهادئة الإسماعيلية إلى سهرات الليل في شوارع وسط البلد بعد أن كاد أن يأخُذه الوقت من ذكرياته و هو في الغرب المُتمدين المُتعلم فإذ به يرى ما يصدم عيناه التي كعيني طفل برئ أقتحمتها أضواء أستاد القاهرة عن قُرب و أنهار على ذلك المقعد الخشبي في تلك القهوة القديمة و هو غير مُصدق غير مُدرك أن هذا الكم من التحرش بالنساء يحدُث على تلك الأرض التي كان يحلُم بها و هو في الولايات المُتحدة الأمريكية يُطارد ذاته توقف الزمن قليلاً أمامه أخذت الأفكار تدور في رأسه أنفجر الغضب بداخله فأخرج هذا الفيلم بإحساس لم أراه من قبل في أي فيلم كان واضح وضوح الشمس بالنسبة لي أن هذا الشخص يُحب ما يفعله و يُؤمن بقيمته إلى أبعد الحدود.


محمد دياب شُكراً على هذه الرسالة و شُكراً على كونك إنسان.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

السلام عليكم أسعدني جداً التواجد في مدونتك يا ابن بطوطة وموضوع أكثر من رائع .. .سؤال .. الآن هل تقوم بجدولة الأماكن التي سوف تزورها او حين وصلك تسأل وبشكل عشوائي تذهب لها ؟؟ علماً انا سكانها أعلم بما بها وقد يكونوا خيراً من الانترنت والبحث في ظل لمناطق الجاذبة للسياحة !! .. انا مسافر وأريد ترتيب اوراق سفري لكن لا أعلم من أين ابدأ هل من الممكن ان تساعدني .. اذا لم يكن عليك حرج ..