الثلاثاء، 29 مايو 2012

همسات باردة




تتساقط قطرات المطر باردة بينما تحمل الأمل في غد لتلك البُقعة القاحلة من تلك الصحراء الموحشة التي يمتد لونها الأصفر القاتم على مرمى بصر تلك الروح الهائمة التي لا تعرف أين الطريق فلا نجم به تهتدي و لا رفيق يؤنس وحدتها تتذكر كلمات العرافة الغجرية التي ما أن رأتها حتى أنتفضت من أمام تلك البلورة السحرية قائلة تعيشي وحيدة و تُغادري وحيدة مهما كثُر من حولك أيتها الهائمة.


أما آن لهذا الفارس أن يرتجل و أن يُزيح عن صدره عبء هذا الدرع الثقيل أما آن له أن يُريح يده من حِسامه القاسي ذو النصل اللامع من دماء المعارك أما آن لعيناه أن ترى الأشعة الدافئة التي سطعت على تلك العيون فأشرقت لنور ربها أما آن لهذا الصغير أن يلهو في تلك المروج الخضراء و أن يُطارد الأحلام التي توقظ العيون الناعسة أما آن لتلك الحبيبة أن ترتشف عشق و أن تُشنف أُذنيها بكلمات الإطراء أما آن لهذا الفجر أن يُزيح وطأة ذلك الليل البهيم أما أن لنسيم الكلمات الحُرة أن يهُب على تلك القلوب الآسنة أما آن لقلمي أن يتوقف و أن يكُف عن الأمل فما عاد الصغير يُصارع من أجل الكلمات أو يُحارب من أجل الوقوف.


تتساءل عيونها الحائرة و ماذا بعد تتوه في قُرص ذهبي يحاول أن يُغادر كي ياتي بغد جديد تتناول يد مهزومة تتلمس بها الأمان الأمل الرغبة فتراها باردة فاترة تتساقط العبرات قائلة و إلى متى تتطاير الخُصلات الناعمة بفعل زفرات القلب الصامت أو الصامد هل سيأتي يوم نولد فيه من نور و نحيا في نور و نرحلُ في نور أم فقط نحنُ أبناءالظلام.


في ذلك الصباح الرمادي جاءني الخبر و أنا أنظُر من خلف الزجاج أتأمل تلك الحياة التي تركُض أمامي بعيونها الزرقاء و قلبها الحيوي النابض تُصارع من أجل أن تدلُف إلي تلك السيارة الفارهة هُناك من كان النعيمُ لهُم نقمة يشقُ صدري ذلك الحُزن المُعتاد لأتساءل لماذا يرحلون تاركي إياي هكذا وحيداً مودعاً باكياً, أرتدي ملابسي لا على عجل أتمهل كأني أقول لتلك الأرواح المُغادرة إنتظروا معي قليلاً لعلنا نجلسُ سوياً في نفس ذات المقهى الذي إعتدناه نتحدث نفس تلك الأحاديث الطويلة التي لا تنتهي نرحل على وعد بلقاء في نفس ذات الميعاد لا يوجد المزيد من المواعيد لقد رحلوا جميعاً تساقطوا واحداً تلو الآخر و أنا بقيت كصخرة في وسط المُحيط تُلاطمها الأمواج فلا هي أنتصرت على الأمواج و لا صخرها أنكسر.


كانت ذات ضحكة صافية كصفحة تلك البُحيرة التي كُنا نقطُن على شاطئها كانت تلك البُحيرة هادئة إلى شكل يُثير العجب فلا يوم سمعنا لها ضجيج و لا شق سطحها قارب في الشتاء تتجمد حتى تعتقد أنها أختفت و في الصيف تلمع كأنها وليدة تلك اللحظة كانت تُحيط بها جبال شاهقة ذات قمم بيضاء كم من مرة أتخذنا ذلك القرار أن نصعد إلى القمة و كم من مرة تراجعنا الآن أنا و فقط أنا أجلس أمام المدفأة في ذلك الشتاء البارد أُصارع نفسي أن أتخذ القرار بينما الضحكة الصافية لا تُفارق مخيلتي.


سأعود كم أعتدت دائما إلى نفس المكان الذي بدأت فيه تلك القصة التي لم تستمر طويلاً سأعود لأحكي لهؤلاء الصبية كيف كانت المعارك تدور كيف كانت الخيول تعدو حاملة الموت و حاملة النصر سأجعلهم يتسائلون كيف تُنبت الأشجار في هذا المكان زهور حمراء قانية فقط سأدعهم يُدركون أن تلك الأشجار لم ترتوي من الماء قط فقط هي إرتوت بالدماء و سأعود في حياةً أُخرى لأحتضن تلك الفتاة الجميلة التي لم أحظ بمثلها في حياتي هذه و سأبني بيتاً عند تلك التلال الخضراء سأزرع هُناك الأمل و البسمة و سأصنع لصغيري بعض من المُستقبل و قليلاً من الأمل.

ليست هناك تعليقات: