الخميس، 31 مايو 2012

الميدان السماوي ينتقل إلى التحرير.



في يونيو من عام 1989 ثارت طبقة من الطبقات الصينية في واحدة من أكبر الثوارت عدداً في العالم فقد ثار الطُلاب و العُمال على الشيوعية الصينية أو الأشتراكية الصينية التي أسسها ماو تسي تونج و على الرغم من مُعدلات النمو الهائلة وقتها إلا إنها تركزت على السلع الإستهلاكية فقط و كان من نتائج إدارة الأزمة أن أرتفعت مُعدلات التضخُم بشكل رهيب و حدث نقص حاد في الموارد الأساسية من غذاء إلى طاقة إلى كُل تلك الأشياء التي تمس حياة المواطن البسيط و كالعادة إتسعت الفجوة بين الأغنياء و بين الفُقراء حتى حدثت تلك الإنتفاضة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف تجمعوا في الميدان السماوي فسحقتها الدبابات النظامية وقتها كان بداية الثورة وقتها مُفاجئة إلى حد كبير فقد أُشيع أن أحد القادة الليبراليين تُوفي نتيجة أزمة قلبية في سجال حاد مع أحد قادة الحزب المُسيطرين في هذا وقت على مقاليد الحُكم في الصين فتجمع الطُلاب بالمئات ثم تحولت تلك المئات إلى الآلاف وراحت الهتافات تزأر: “يموت البعض وهم يستحقون الحياة، ويحيا آخرون يستحقون الموت”.

لقد مرت تلك الحادثة في هدوء و بدا أن ما كان ثورة في بداية الأمر ينحصر على مُجرد جنازة كبيرة لشخص هام أو زعيم رحل فجأة في وسط المعركة و ساهم في هذا الهدوء مُحاولات القادة تهدئة الأمور و تصويرها على أنها وسيلة جيدة للتعبير عن الرأي يقترب هذا الأمر مما حدث معنا في القاهرة بعد تنحي مُبارك عن الحُكم إلا إن الأمور و هي في طريقها إلى الهدوء تحركت مرة أُخرى بصورة مُفاجئة أيضاً فقد أضرب ما يُقارب من المائتين طالب عن الطعام في الميدان السماوي في الوقت الذي كان جورباتشوف يصل إلى الصين في زيارة دبلوماسية إعتبرتها السُلطات إنتصار للصين الدبلوماسية نادراً ما يكون الإضراب عن الطعام وسيلة ضغط و لكن مع تعاطف الكثيرين بدأت الأعداد تنتشر في الوقت الذي صدرت أوامر للجيش بأن يتحرك ليُنهي هذا الإضراب و الإعتصام بأي ثمن و لكنه فيما يبدو تفاجئ بأعداد من العُمال و الأتوبيسات و المتاريس امامه و هو في الطريق بل أن الشعب بدأ يتحدث مع الجنود الأمر الذي أدى إلى تعاطف بعض الجنود مع الشعب و ألقوا أسلحتهم و بدا أن إكتساب الجيش إلى صفهم أفضل من مُحاربته في وقت ما أدرك بعض الجنود أنهم لا يواجهون عدوهم بقدر ما هُم يواجهون شعبهم المسئولون عن حمايته.

و مرة أُخرى ألتفت الطبقة الحاكمة و بدأت في التفاوض مع قادة الحركة الطُلابية و نجحوا في إقناع الطُلاب بإلغاء الدعوة للإضراب عن العمل و التي كانت دعى لها الجناح اليساري العُمالي في هذا الوقت و بدأ الكلام عن الأقتصاد الوطني و عجلة الإنتاج يتردد بقوة في وسائل الأعلام و بين المواطنين و قبل العُمال بهذا الإلغاء و بدا الأمر يتحول إلى نقاشات و خلاف كلامي بحت وقتها أدرك أفعوان السُلطة أن الوقت قد حان ليضرب ضربته و بالفعل صدرت الأوامر و توجهت الدبابات و المدفعية الثقيلة لتصوب نحو المعتصمين و بدأت المعركة بين أثقل ما في الجيش من مُعدات ضد أثقل ما في البشر من معاني الكرامة و الإباء قد تعتقد أن المُعدات العسكرية الثقيلة هي التي إنتصرت فقد مات الآلاف في هذا اليوم و سالت الدماء بشكل يفوق القُدرة على الخيال و لكنك مُخطئ إذا تمسكت بهذا الإعتقاد فقد أستطاعت الإنسانية أن تُضيف إليها قصة نبيلة لمُحتجين ماتوا دون أي سبب سوى أنهم يطمحون في كثير من الحُرية و كثير من الكرامة و كثير من العدالة الإجتماعية و يُقال أن الأرواح الغاضبة لازالت تسكُن الميدان السماوي تحكي قصة عشق للحياة كُتبت بدماء الأحرار ليعيش العبيد.

هذا الميدان ينتقل عبر الزمن و عبر المكان ليستقر في ميدان التحرير الرمز الذي وهبته لنا السماء في ذات يوم من الأيام كأنها قالت هُنا تولودا من جديد المكان الذي كُنت أذهب إليه لأتطهر من كُل المفاسد التي زُرعت بداخلي طيلة عُمري المباركي فعلى مدى ثلاثين عاماً أو أكثر لما أرى إلا أسوء ما فينا لم أرى إلا مُجتمع لا يوجد به معيار ثابت يكيل بميكيالين شوفييني النزعة عُنصري الطبع يُمارس عُنصريته على أبناء بلده لينحني إحتراما للأجانب أصحاب البشرة البيضاء و الشعر الذهبي لم أرى شُرطي يُساعدنا على أن نعيش في أمان بل أرى شُرطة تُساعد نظام على أن نعيش في المُهان و الظُلم و الدنس كُنت أرى أسوء ما في البشر بينما هُم يملكون الأفضل.

الآن و في هذه اللحظة الحاسمة و على بُعد أمتار قليلة من خط النهاية ستكون المدفعية الثقيلة هي صندوق الإنتخابات الذي سيهرس ملايين البشر المصريين حينما يتم تنصيب أحمد شفيق على رأس الهرم الفاسد ليتعاون مع أصدقائه و رفاق السلاح في قهر شعب أصيل يدفع ثمن أخطاء بعضهم.

الثلاثاء، 29 مايو 2012

همسات باردة




تتساقط قطرات المطر باردة بينما تحمل الأمل في غد لتلك البُقعة القاحلة من تلك الصحراء الموحشة التي يمتد لونها الأصفر القاتم على مرمى بصر تلك الروح الهائمة التي لا تعرف أين الطريق فلا نجم به تهتدي و لا رفيق يؤنس وحدتها تتذكر كلمات العرافة الغجرية التي ما أن رأتها حتى أنتفضت من أمام تلك البلورة السحرية قائلة تعيشي وحيدة و تُغادري وحيدة مهما كثُر من حولك أيتها الهائمة.


أما آن لهذا الفارس أن يرتجل و أن يُزيح عن صدره عبء هذا الدرع الثقيل أما آن له أن يُريح يده من حِسامه القاسي ذو النصل اللامع من دماء المعارك أما آن لعيناه أن ترى الأشعة الدافئة التي سطعت على تلك العيون فأشرقت لنور ربها أما آن لهذا الصغير أن يلهو في تلك المروج الخضراء و أن يُطارد الأحلام التي توقظ العيون الناعسة أما آن لتلك الحبيبة أن ترتشف عشق و أن تُشنف أُذنيها بكلمات الإطراء أما آن لهذا الفجر أن يُزيح وطأة ذلك الليل البهيم أما أن لنسيم الكلمات الحُرة أن يهُب على تلك القلوب الآسنة أما آن لقلمي أن يتوقف و أن يكُف عن الأمل فما عاد الصغير يُصارع من أجل الكلمات أو يُحارب من أجل الوقوف.


تتساءل عيونها الحائرة و ماذا بعد تتوه في قُرص ذهبي يحاول أن يُغادر كي ياتي بغد جديد تتناول يد مهزومة تتلمس بها الأمان الأمل الرغبة فتراها باردة فاترة تتساقط العبرات قائلة و إلى متى تتطاير الخُصلات الناعمة بفعل زفرات القلب الصامت أو الصامد هل سيأتي يوم نولد فيه من نور و نحيا في نور و نرحلُ في نور أم فقط نحنُ أبناءالظلام.


في ذلك الصباح الرمادي جاءني الخبر و أنا أنظُر من خلف الزجاج أتأمل تلك الحياة التي تركُض أمامي بعيونها الزرقاء و قلبها الحيوي النابض تُصارع من أجل أن تدلُف إلي تلك السيارة الفارهة هُناك من كان النعيمُ لهُم نقمة يشقُ صدري ذلك الحُزن المُعتاد لأتساءل لماذا يرحلون تاركي إياي هكذا وحيداً مودعاً باكياً, أرتدي ملابسي لا على عجل أتمهل كأني أقول لتلك الأرواح المُغادرة إنتظروا معي قليلاً لعلنا نجلسُ سوياً في نفس ذات المقهى الذي إعتدناه نتحدث نفس تلك الأحاديث الطويلة التي لا تنتهي نرحل على وعد بلقاء في نفس ذات الميعاد لا يوجد المزيد من المواعيد لقد رحلوا جميعاً تساقطوا واحداً تلو الآخر و أنا بقيت كصخرة في وسط المُحيط تُلاطمها الأمواج فلا هي أنتصرت على الأمواج و لا صخرها أنكسر.


كانت ذات ضحكة صافية كصفحة تلك البُحيرة التي كُنا نقطُن على شاطئها كانت تلك البُحيرة هادئة إلى شكل يُثير العجب فلا يوم سمعنا لها ضجيج و لا شق سطحها قارب في الشتاء تتجمد حتى تعتقد أنها أختفت و في الصيف تلمع كأنها وليدة تلك اللحظة كانت تُحيط بها جبال شاهقة ذات قمم بيضاء كم من مرة أتخذنا ذلك القرار أن نصعد إلى القمة و كم من مرة تراجعنا الآن أنا و فقط أنا أجلس أمام المدفأة في ذلك الشتاء البارد أُصارع نفسي أن أتخذ القرار بينما الضحكة الصافية لا تُفارق مخيلتي.


سأعود كم أعتدت دائما إلى نفس المكان الذي بدأت فيه تلك القصة التي لم تستمر طويلاً سأعود لأحكي لهؤلاء الصبية كيف كانت المعارك تدور كيف كانت الخيول تعدو حاملة الموت و حاملة النصر سأجعلهم يتسائلون كيف تُنبت الأشجار في هذا المكان زهور حمراء قانية فقط سأدعهم يُدركون أن تلك الأشجار لم ترتوي من الماء قط فقط هي إرتوت بالدماء و سأعود في حياةً أُخرى لأحتضن تلك الفتاة الجميلة التي لم أحظ بمثلها في حياتي هذه و سأبني بيتاً عند تلك التلال الخضراء سأزرع هُناك الأمل و البسمة و سأصنع لصغيري بعض من المُستقبل و قليلاً من الأمل.

الاثنين، 28 مايو 2012

الترنيمة الأخيرة



بينما كانت المعركة الأخيرة على وشك الإنتهاء كان الملك قد ناله ما ناله من طعنات و من جروح حتى أتى سهم من بعيد أخترق تلك الإنسجة الضامة التي تخفي تحتها عضلات فولاذية كأنما صُنعت في السماء أو في كوكب خارجي كان السهم قوي فأخذ يغوص في تلك العضلات كحوت كبير يشُق الماء حتى توقف قلب أن يخترق القلب الحديدي بملليمترات صغيرة و لكنه كان قد شق ما في طريقه من شرايين و أوردة أضاف هذا السهم إلى الجراح المزيد من الألم و المزيد من الدماء المفقودة التي تساقطت نحو الأرض تهمس في أُذنيها من الأرض و إلى الأرض نعود.


أمتشق الحِسام الثقيل الكبير و وقف بجواره آخر ما تبقى من رجاله الشُجعان كان يراه قادما بردائه الأسود الذي يختمره من فوق رأسه حتى أخمص قدميه لم يرتهب من ذلك المِنجل الطويل اللامع في يديه إبتسم إبتسامته الواهنة شعر بالدماء الساخنة تتجمع لتكون بُحيرة صغيرة تحت قدميه أرتفعت رؤوسهم في عزة تطاير الشعر الذهبي الناعم بفعل الريح الباردة أحتدت العيون الزرقاء و هي تتأهب ضاقت الحدقات و أرتفاع دبيب القلوب حتى على فوق صوت الجياد و صهيلها المُرعب كان صهيلاً صارخاً يُقال أن الزمن توقف قليلاً أمام تلك الصورة لذلك الملك الشاب الذي ما أن تسلم الحُكم حتى أجتاحت جيوش الظلام أرضها كانوا يأكلون الضحايا و يرتدون جلودها لم ينتموا إلى فصيلة الإنسان ذات مرة يعشيون في كهوف الدببة و ينون من العظام و الهياكل البشرية أسرة عليها يرقدون تقودهم رمزُ الشر كاهنة شيطانية تُبارك قائدهم قبل كُل غارة من تلك الغارات الوحشية.


يُقال أن الزمن توقف يتأمل أولئك الشُجعان ثلاثة عشر رجُل أو يزيدون و لكن حول الملك الشاب كان هُناك ثلاثة عشر رجُل ثلاثة عشر فارس بينهم ذلك العربي الوسيم صاحب الجواد الرشيق الذي أنقذ ذات يوم طفلاً من يد الجحالف الوحشية يُقال أن الزمن طلب من ذلك الرسول ذو الرداء الأسود الثقيل و المِنجل ذو النصل الحاد اللامع أن يتريث و ينتظر بينما وقف الملك الشاب ينتظره و رافعاً سيفه و يُردد أبيات الرثاء الأخيرة لنفسه قبل أن يُرددوها عليها و هو في طريق إلى الأرض الخالدة رفع سيفه على الرغم من الآلام الرهيبة و الدماء المُتساقطة و من وراءه علا صوت الترنيمة الأخيرة و أشرأبت أعناق النساء الآرية فلمعت كنصل ذلك الحِسام الثقيل و تطايرت أغطية الرأس عنها فبدت الخيوط الحريرة الذهبية مُثيرة للشجن حزينة أم سعيدة لا تدري هي تنتصر و تفقد الملك الشاب.

الآن أنا أقف على الأرض الفانية 
لأعبر إلى الأرض الخالدة
هأنا أُشاهد أرواح أبي و أمي 
هأنا أُراقب أرواح الأجداد
هأنا أُراقب أرواح المُقاتلون الأحرار
و الرجال الأخير
هأنا أرى قلوب الشُجعان النابضة 
تدعوني إلى الإنضمام
هأنا لا أخاف الموت
هأنا أنتظر النصر 
سيفي يصنع نصري يمنحني مجدي
يبني اركان عرشي
فلتسمع السماء إسمي
فأنا قادم إلى الأرض الخالدة


لم يدري أحد كم أستغرق الوقت كي تهجم الجحالف الوحشية هجمتها الأخيرة من على طهور تلك الجياد النارية الوحشية كُل ما يتذكروه أنهم وقفوا و ثبتوا حينما لم يكُن الوقوف و الثبات بهذا القدر من اليُسر حينما كان الوقوف و الثبات يعني التضحية بآخر نفس يتردد في صدرك بآخر دقات قلبك و كما تكون الوحوش الضارية في قمة شراستها وقت تلك اللحظات الأخيرة في حياتها كانت الهجمة الأخيرة عاتية تمهل الملك قليلاً حتى أقترب ذلك القائد الوحشي على جواده الأسود عريض الصدر قوي القوام و أنتفض من وقفته واثبا ليهوي بذلك السيف الثقيل قاطعاً تلك الرأس الخبيثة التي هوت على الأرض في وقت أن لمست قدمي الملك الشاب الأرض فغرس السيف في جبهة الأرض الطينية الخصبة التي روتها الدماء الشُجاعة و جلس بينما أستقر بجواره الفرُسان الشُجعان أو ما بقى منهم و عند قدميه أطلق ذئبه الأليف عوائه الأخير مُغادراً مع مليكه إلى الأرض الخالدة.

الأحد، 27 مايو 2012

كيف تختار؟






كم أنت صعب أيه الإختيار حينما تأتي بين خيارين كلاهما مرفوض بالنسبة لك و كم أنت تحتاج إلى عقل و تفكير و جُهد حتى تهتدي إلى الحقيقة و إلى أن تختار أقلهم ضرر بالنسبة لك و بالنسبة لمُستقبلك و بالنسبة لحياتك.


في صباح ذات يوم توجه أحد الأشخاص إلى الأسكندرية بسيارته و هو يُعاني من مرض السُكر و شعر بأنه يحتاج أن يأكل حالاً و لكنه لم يجد سوى مطعم واحد يُقدم فقط وجبتين وجبة يمقُتها بشدة و وجبة تُسبب له حساسية قاتلة فأختار أن لا يأكُل و أن يموت في طريقه خيراً له من أن يقبل بوجبة يمقُتها على أمل أن يعيش لفترة أُخرى فيستبدلها بوجبة أُخرى مُفضلة له.


في عرض البحر و بينما نحن في مركب كبير حدث ثُقب به و بدأ الماء يتسرب إليه و بدأ الكثير و الكثير في القفز خارج هذا القارب تاركين إياه يغرق كُل منهم أخذ ما يملُك تاركاً مكانه في صفوف المواجهة حتى أتي رجُل يُريد أن يستولي على المركب لنفسه فتصدى له شخص الكثير من الناس تمقته و طلب من الناس أن تُساعده على أن يُصلح المركب و يُنقذه و من عليه وافق البعض و وقف البعض بجوار الشرير الذي يُريد أن يستولى على المركب و هو غارق ليبيعه خُردة بينما وقف آخرون يتفرجون على ما يحدُث لأنهم فقط يمقتون الرجُل الذي يُحاول أن يُصلح المركب.


كُنا في الطريق إلى الأسكندرية و بينما نحن على مشارف المدينة خرج علينا مجموعة من البلطجية يُريدون أن يستولوا على كُل ما نملُك فقط مُقابل أن يتركوا لنا الحياة بلا مأوى و بلا مأكل أو مشرب عرض علينا أحد الرُكاب أن يُنقذنا من هؤلاء البلطجية و أن يقود الحافلة بنا إلى الأسكندرية و هُناك نستطيع أن نتدبر حالنا فرفض الكثير من هذا العرض بحجة أننا غير واثقون أن هذا الراكب يستطيع قيادة الحافلة.


كُنا في معركة مع بعض الأشخاص من البلطجية الذين يُحاولون السيطرة على الحي فتجمعنا و أتفقنا على أن لا نسمح لهم و بالفعل إنتصرنا عليهم بسبب وحدتنا حتى رحلوا و غيروا من هيئتهم و عادوا مرة أُخرى يحاولون السيطرة على الحي فتركنا أحدنا يواجههم وحيداً لأننا لا نُحبه و لأنه إنشغل عنا قبل ذلك و قُلنا نحن على الحياد حتى سيطر البلطجية على الحي و أذاقونا الدم و النار.


كُنا نتساءل ذات يوم كيف نستطيع أن نبني بيتاً نحن الأربعة فأتي كُل منا بتصميم للبيت فأختلفنا حول التصميمات و كُل واحد منا أخذ يقدح في تصميمات غيره و يمدح في تصميمه حتى أتى شرير سارق أخذ الأرض و بنى وكراً له و لأعوانه و أمتص خير أرضنا و تركنا عاريا بلا مأوى.


دائما و أنا طفل كُنت أكره أثنين فقط من الأطفال صاحب الكُرة الذي يُحدد متى و أين نستطيع أن نلعب و نلهو و ذلك الشرير اللي دايماً يقول يلعب يا مفيش لعب.


سأختار السفاح و أُساعده على الإنتصار و إستكمال مُسلسل بيع البلد نكاية في من وقف بجواري ذات يوم من الأيام لأنه لم ينصاع إلى رغباتي و توجهاتي السياسية و كان له رأيه و مشروعه ليبرالية إنتقائية لو عرف بها فولتير لأنتحر من الأسى. 

السبت، 26 مايو 2012

الكلام الباتنجان في حق الإخوان





كُنت بالأمس القريب قد تعرضت لمُتلازمة الإخوان و التي أُعاني مِنها و كيف يتم إتهامي من جميع الأطراف التي أعرفها بأني إخواني تارة و بأني علماني تارة أُخرى بينما أنا في الأصل شخص بتنجاني بالسليقة و قد أنتميت لهذا الفكر البتنجاني مُنذ زمان طويل و أعوام سحيقة رُبما في حياة سابقة قبل هذه الحياة و الفكر البتنجاني فكر رائع أنت لست بحاجة للترويج له فهو يُروج لنفسه بنفسه و يتميز الفكر البتنجاني بأنه يصلُح لكذا حاجة يثلُح مسقعة أو مخلل أو مقلي أو مطبوخ زي في المقلوبة كده و إن كان هُناك الكثير من الأصدقاء لما يُحالفهم الحظ و يأكلوا المقلوبة الرائعة بكُل ما فيها من باتنجان مليان حديد و فيتامينات السخونة هرست أُمها.


في هذه المقالة العصماء أتعرض لكلام الباتنجان في حق الإخوان و هو موضوع حيوي و خطير و هام و يحتاج إلى تركيز و يطرح نفس السؤال الذي يطرحه الجميع و نطرحه كُلنا لحد ما السؤال تعب من كُتر الطرح هو إيه مُشكلة الإخوان ليه بلاقي اللي بيكره الإخوان مُتفاني أوي في كُرهه لهم و مُثابر في ذلك و ليه ألاقي الإخواني إخواني أوي كده و شغال تبرير و دفاع عن أي هفوة أو فسوة أو غلطة ليهم و إذا كُنت أشترك مع الإخواني و أتضامن معه في إنه من حقه يتفرد كده و يتمطع بعد ما قعد هو و الجماعة بتاعته يدفعوا التمن لفترة طويلة أوي أوي أوي زيهم زي أي حد من الناس الثوريين الإشتراكيين المساكيين من نوعية حمدين و كمال خليل لدرجة إن فيه ناس بتؤكد إنه لو حمدين كان حمدي واحد مكنش إستحمل كُل اللي حصله في عيشة أُمه من حبس و تشريد.


و لكني لا أستفهم حماس و مُثابرة الكارهين للإخوانيين و على رأي المثل قال يا إخوانييين يكفيكوا شر المروحيين يعني هنفرض مثلاً مثلا يعني إن حد إخواني عمل حاجة غلط هتلاقي كُل الناس نازلة عليه هجوم و سب و قذف و إنتم بايعين القضية و إنتم واحشيين و إنتم ولاد ستين في سعبين في تنين و على الرغم من ذلك قد تجد أن هُناك من أخطأ نفس الخطأ اللي هو من وجهة نطرنا إحنا غلط لكن محدش شايفه أصلاً و لا بيتكلم عنه يعني هنفرض مثلا مثلاً يعني إن عدم نزول الإخوان في أحداث محمد محمود كان خيانة للثورة يبقى من هذا المُنطلق حزب الوفد بقيادة اللي مع الرص سيد البدوي خائن و البُق إبن المرة رفعت السعيد خائن و عم قرد ممدوح حمزة يبقى خاين لأن كُل دول منزلوش أحداث محمد محمود و لكن لأ نسيب كُل الناس و نقفش في الإخوان يلا خُش عليا بالتهمة الرئيسية إنت إخوانجي يا برنس هقُلك قشطة شغال.


غالباً ما أتعجب من الكراهية و الكراهية المُضادة من الحُب بعُنف لا مثيل له و الكُره بعُنف لا نظير له الأمر الذي ياخُذ الكثير منا بعيداً عن أي منطقية أو عقلانية في التفكير بعيداً عن أي حيادية أو أي نوع من أنواع العدل و أبسطها و هو الوقوف مع الحق أي حق و إن كان هذا الحق ضدك أنت شخصياً و سُبحان الله الذي جعل العدل مرجعية ثابتة لقيام الاُمم فالله ينصُر الدولة الكافرة إذا أقامت العدل بينها و يخذُل المُسلمة إذا لم تُقيم العدل بينها و لذا فبين مصر الآن و مصر التي نُريدها عقبة كبيرة للغاية عقبة إزالة التعصُب الأعمى و الشوفينية المقيتة فنظرية أنا الحق و ما دوني الباطل نظرية تميزنا بها كثيراً حتى أردتنا مهالك الأُمم فأصبحنا شعب يُساق كالغنم و لا يتقدم إلى الأمام في وقت إنطلقت فيه النمور الآسيوية و العملاق الصيني و تعود روسيا من جديد و تتألق القارة العجوز بإتحادها رغم إختلافها و فقط بقينا نحن هاهُنا نتراشق بالكلام و نتفاعل مع مُعطيات الأمور بعاطفة النساء لا بعقلانية الرجال.


المُهم نرجع للبتنجان في حق الإخوان و نقول إديني قناة فضائية و ميك و واحد بيعرف يتكلم كلام من نوعية بيروقراطي برجوازي موازي إشتراكي ثوري يساري يميني مُتطرف مُحافظ ثيوقراطي براجماتي و مُذيع بيعرف يسخن من نوعية العاهرين الإعلاميين و ما أكثرهم و شوية فلوس صح الصح و أنا أعملك مازنجر عادي جداً و بعتمد في ده كُله على إن غباء اللي قاعد بيتفرج مش هيسمحله بحاجتين مُهميين أوي مش هيسمحله إن يعرف إن اللي بيتكلموا دول بيسرحوا بيه و هيحس إنه عشان يبقى مُثقف و فاهم إنه لازم يسمع الأشكال دي عشان يُلقط كلمتين يقولهم لمراته أو لأصحابه على القهوة عشان يتفرد و يتني على الناس إنه واد برنس و مخلص و حاصل على شهادات من هارفارد و كمبريدج و السوربون و تاني حاجة هيعتمد عليها إن الغبي ده مش هيستمع لنداء العقل و إنه يحول على إم بي سي 2 يشوفلوا فيلم ينفعه.


الخلطة جاهزة و معروفة و مهروشة بس تقول لمين طول ما الغباء متوافر في الأسواق قنوات تليفزيونية فضائية لولبية تابعة لرجال أعمال كُل همهم الحصول على مزيد من الأموال و السُلطة بأي طريقة و لا أعتقد أنهم سيجدوا الوقت الكافي لإنفاق تلك الأموال إعلاميين مُرتزقة عاهريين أو داعريين شوية عواطلية اللي يُقلك خبير استراتيجي و اللي يُقلك مُنسق أمني و اللي يُقلك ناشط على ما تُرج و شغل كاميراتك و رجع يا معلم إنت و هو في دماغ اللي بيتفرجوا و اللي بيسمعوا و يبدأ المُستمع و المُتفرج في الإرتداد بالنظرية الدارونية و يعود إلى أصله كقرد بسلاسل و عمال يفلي في مراته و عياله زي ما القرود ما بتعمل و هاتك يا تشويه هنا و يا تشويه هنا و على فكرة التشويه أصاب كُل الناس ليس فقط الإخوان أصاب كُل الناس المُحترمة الكويسة اللي فاهمة يعني إيه ثورة و يعني إيه مصر بتتغير و ما إلى ذلك.
أخطاء الإخوان السياسية للأسف جسيمة و للأسف أعطت إنطباع أن هذه الجماعة تبحث عن مصلحتها دون النظر إلى مصلحة الوطن و إلى مصلحة باقي الأفراد و الطوائف و بدى في الأُفق أنهم يصنعون حزب واطي جديد فمن أخطاء البرلمان إلى أخطاء التأسيسية إلى الإبتعاد عن القوى الثورية إلى الإستعلاء بالبرلمان و ترك الميدان إلى و إلي و لكن قليل من الإنصاف يُظهر لنا أننا نُحاسب من لا يحكُم فعلياً زي ما بيقول أغلب الناس أشُك في نوايا الإخوان أظُن أعتقد و لكن فين الدليل على إن الناس دي لو مسكت سُلطة تنفيذية هتخربها تلاقي مفيش أي دليل على الإطلاق و أن الأمر عبثي بشكل يفوق الوصف و الخيال.


أنا طولت عليكم بس أحب أقول في نهاية المقالة دي إني و الله العظيم لا أنتمي حتى هذه اللحظة لأي تيار سياسي و أني ذو فكر و عقلية سياسية ليبرالية مُتحررة أقف فقط بشدة و عُنف ضد نظام زفت الطين و أعوانه و أتمنى الخير لهذه البلد على إيد أي حد و الكلام ده كُله عبارة عن كلمة حق أُريد بها الخير لمصر.

الأربعاء، 23 مايو 2012

مُتلازمة الإخوان و الديمُقراطية



بصفتي واحد من اللي بيعانوا من مُتلازمة الإخوان بناءاً على تشخيص إخواني بحت من أحد أصدقائي الإخوانيين الرائعيين اللي بكنله كُل إحترام و تقدير أحب إني أتكلم عن مُتلازمة الإخوان و الديمُقراطية لأني في نفس الوقت اللي كان بيتم فيه إتهامي بإني إخوان إنمي نامبر وان كان فيه شخص تاني عزيز عليا جداً بيقولي خلاص إنت إتعرفت إنك إخواني و بطل لوع.


و على الرغم من إني معرفش معنى كلمة لوع و لا أنا بتنجاني و لا إخواني و لا آه ياني حتى إلا إنني تقبلت الأتهامات بإبتسامة عريضة و جميلة على الرغم من إن كُل إتهام منهم ينفي الآخر إلا إني مفرقش معايا أي حاجة فيهم و حسيت إني ماشي صح بدماغي اللي أحد عبيد العسكر أتهامها قبل كده بالجهل و الفقر الثقافي مع إني و الحمد لله مش شايف كده في نفسي و اللي أتهمتها قبل كده إحدى الفلول بإنها دماغ ثيوقراطية رجعية مُتخلفة على الرغم من إني مش كده و على الرغم من كراهيتي الشديدة للتصنيف و حصر كُل مُعسكر في بوتقة واحدة يا إما على طوول الخط صح الصح أو على طول الخط غلط السنين على رأي الأُخت الفاضلة إليسا فور باي فور 5700 سي سي إلا إني برده مفرقش معايا كُل القلش اللي فوق ده و قررت إني أكتب الكام كلمة دوول عشان أتفك بيهم و عشان أشرح لكُل من يتهمونني بالغباء و الرجعية و التخلف و التشدد و الإنحلالية و الإخوانية و السلفية و العُنصرية إني هارش و الحمد لله و فاهم الدُنيا شيئما و يمكن يكون أحسن منهم.


فأنا لا أُهاجم الإخوان و لا أُدافع عنهم أنا فقط أبحث عن الحقيقة ببساطة و بدون الدخول في تعقيدات و من أقرب الشخصيات إلى قلبي و سعيد بوجودهم في عالمي الإفتراضي الفيسبوك ناس من نوعية ةائل غُنيم و محمد دياب و أنس حسن ناس بتقبل الآخر وش سلندر كده و لا بتكره و لا بتحب بتحترم رأيها بنفس القدر اللي بتحترم بيه الرأي المُخالف لها و ما علينا إلا إدراك اللحظة الفارقة (مع الإعتذار لأبو إسماعيل و أولاده) المُهم بقى إن البحث عن الحقيقة ده بيجبرني إني ألاقي حد على حق حسب وجهة نظري أقول ألاقي حد موقفه غلط من وجهة نظري أقول لكن الكلام ده مش بيتفهم اللي يتفهم إني بهاجم أو بدافع يا جودعان مش كده ما هوا مش منطقي إني حد يبقى صح الصح على الطول غير جبنة بريزيدن أو غلط على طول الخط برده حتى لو كان إيه يعني حتى لو كان محمد أبو حامد الشخصية المُيرة للجدل دائما.


و من هذا المُنطلق أتعجب من هذا الكم الهائل من التناقض اللي الناس بتمر بيه و لا يوجد ثبات على المبدأ فكُل اللي شوفتهم بيتكلموا عن الديمقراطية و إنها هي الحل لقيتهم هُما هُما اللي بيهاجموا الديمُقراطية لمُجرد إنها جابت ناس مش على مزاجهم و على حسب هواهم و هنا بقى مربط الفرس أو نُقطة الموضع كما أكد الرائع اللمبي الديمقراطية مش شرط إنها تُنتج نظام جيد لكنها تُنتج نظام مُتوافق عليه و لعبة الإنتخاب دي لعبة قوية و عنيفة و صادمة و محتاجة أدوات و قُدرة إعلامية و قُدرة على الحشد هنلاقيها فين القوة دي هنلاقيها في الإخوان يا معلم طب هل ده معنها إنها هتفضل مع الإخوان أبسليوتلي زي ما جبتهم في البرلمان مُمكن تديهم الخازوق الصح في الرئاسة و مُمكن تديهم الخازوق الأصح في البرلمان القادم بس لازم نعترف إنهم فصيل سياسي مُحترم مرتب أولوياته مش فاضي يُرد على القلش اللي في الإعلام عنده شعور إنه مُضطهد إعلاميا عنده تاريخ إضطهادي بشع من النظام السابق الله لا يرجع أيامه بيواجه زي ما هو شايف إعلام مش بيتكسف و عامل فيه وطني و غيور على مُكتسبات الثورة زيه زي المجلس العسكري طب بص اهه أديك بتدافع عن الإخوان هقلك براحتك بس لو إنت قاعد في مُدرجات الدرجة التالتة هتلاقي على يمينك الفهرس بتاع مقالتي هتلاقي فيه مقالات كتيرة بتهاجم مواقف خاطئة للإخوان و ده حقي و ده رأيي إني أهاجم موقف مش أهاجم شخص لمُجرد إنه بيعتنق مبادئ أو دين مُختلف عما أعتنقه.


الهجوم الشخصي أو شخصنة الأمور ده شيئ طبيعي ناتج عن تربية سياسية زي الزفت عن حُب الإنتصار بأي وسيلة و بأي طريقة عن عدم تفهُم اللُعبة السياسية بطريقة سليمة يعني معلش كده تعالى قولي إيه هي القدرة على الحشد اللي موجودة عن أحزاب من نوعية الوفد و الكرامة و التجمع و المصري إيه و المصري وات إيه نوعية الوجود الجماهيري المُتوفرة عن حزب مصر القومي إيه نوعية القُدرات التنظيمية عند الناس دي هتلاقي صفر كبير أوي أوي أوي أوي مفيش وجود في الشارع مفيش وجود جماهيري مفيش إحتكار لكُتل تصويتة مُحترمة يبقى مفيش وجود سياسي طب ما تشتغل و تظهر للناس و تعرض نفسك بدل أُم العاشرة مساءاً اللي إنت عمال تطلعمنها سبوبة و مصدع دماغنا يُقلك لأ ده شعب جاهل و ده شعب غبي على أساس إن إنت كُنت أينشتاين مثلاً طب فين مسئوليتك تجاه هذا الشعب اللي مش عاجب أُمك على الصُبح ده عملت إيه عشان ترفع من ثقافته أو علمه أو أمنه أو أكله أو شربه يقلك إتكلمت و محدش سمع يبقى على طوول تقله المركوب و فوق دماغه و تقول برة يا إبن ال......تيت.


عزيزي اللي مش عارف إيه نوعك أو حزيك أو دينك و أنا مال أهلي أصلاً سيبك من القصص اللي إنت عايش فيها و الرغي الكتير و الصُداع و إبدأ أفهم إن الديمقراطية مش معناها إختيار الأصلح بقدر ما هي معناها أختيار الأكتر و فُكك بقى.

الثلاثاء، 22 مايو 2012

ياسين





رزقني الله بطفل فأسميته ياسين سأتركه ينمو حتى يصير رجُلاً فإذا أشتد عوده سأُعلمه كيف يكون رجُلاً بكُل ما تعني الكلمة من معاني و هُناك سيُهاجر إليها و سيبني بيتاً كبيراً سيملأوه بالرجال مثله و سيصيرُ هذا البيت قرية سيطلُقون عليها دير ياسين ستنمو القرية و ستكبر و سيأتي الملاعين مرة أُخرى ليحتلوها ليذبحوا العجائز و الشيوخ لكي يغتصبوا فتيات القرية لكي يدهسوا بأقدامهم الغليظة بسمات الأطفال لكي يغتالوا آمال أُم و مُستقبل رضيع و لكنهم على غير العادة سيجدون من يقف لهُم سيجدوا ياسين و أولاده رجالً أشداء عليهم في يدهم سلاح و في قلوبهم عشقُ الكِفاح سيجدوا من ينتظر رُصاصهم الخائن و قنابلهم الغادرة بصدور مفتوحة لا تهاب الموت و لا تخشاه تنتظر إحدى الحُسنيين إما النصر و إما الشهادة.

ستكون قريته قوية ظلال أشجارها وارفة و بنعم الله و حمده عامرة و مساجدها شامخة يُرفع بها الآذان للصلاة سيكون أبناؤها ذووي شأن عظيم رُحماء بينهم مُتسامحون أشداء على أحفاد الخنازير مُستعدين ليوم التلاق في نفس ذات المكان سيمحون أسماء الخونة الغدارين من على الشوارع و سيكتبُون بالمجد آيات من القرآءن الحكيم و سنبني هُنا مُلكاً يطول تتوارثه أجيال من الرجال لن يسمحوا للوهن أن يدُب فيه و لن يتركوا العفن ينمو بين أفراده لن يكون بينهم من باع أو خان من ضل الطريق أو ضاع سيعتصموا جميعاً بحبل اله حتى لا تتفرق بهم الطنون سيكونون كما شاء الله لهم أن يكونوا عِباده المخُصون.

سيكون في قريته مصانع تصنع السلاح حتى إذا جاء وقت الكفاح إلتفوا حولها و أغترفوا بإيديهم الصامدة الخشنة من مجهود العمل و الأمل و الرغبة في البقاء رصاص بالغضب مصبوب و قنابل بالثأر مُغلفة سنثأر لمن كانوا ضُعفاء سنثأر ممن ظنوا أنفُسهم أقوياء و سيُطلق الله في قلوب الملاعين رُعب التاريخ خوف آلاف السنين فها هو جيش كجيش مُحمد يعود هاهو ما كانت منه فرائضكم ترتعد و أرواحكم عن الأرض تبتعد فلا نسنيا و لن نسنى أبناء دير ياسين و سيكون لنا دير ياسين جديدة بالقوة و بالحديد و الدم و النيران و باليد و العمل و الجُهد سنصُد عنها العدوان.

رزقني الله بطفل فأسميته ياسين سأُعلمه الدين و العمل و الكفاح سأعلمه أن الشرف يسكُن حينما يأتي من بعدنا ليأخُذ من أيدي موتانا السلاح ليقود و يثور و يثأر و يزأر كما هي الأسود في السهل كفانا نُباح الجرو و أُمه كفانا إنهزام كفانا إنبطاح إنهضوا و أستقيموا و أعتدلوا و أتحدوا فالعدو واحد و الموت واحد.

الخميس، 17 مايو 2012

بلا عُنوان



فهو أمر صعب للغاية أن تكون مُطالب بكتابة عُنوان لمجموعة من الكلمات التي تشعر فقط أنك تُريد أن تكتُبها تفريغاً لمشاعر غاضبة صاخبة فرحة حزينة هادئة ناعمة دافئة باردة حيوانية قميئة لا أحد يدري على وجه التحديد أي مشاعر كان يملُكها بطل تلك القصة و هو يكُتب تلك القٌصاصة الصغيرة التي أهداني إيها مُقابل سيجارة بفلتر أحمر كما أطلق عليها.


بلا عنوان لأني أصلاً مش إنسان أو مُمكن تقول نُص إنسان و الباقي حيوان أنا مُطالب إني أروح الشُغل و أشتغل و أكون فرحان مع إني في الحقيقة جعان و زهقان و على الآخر قرفان النص بتدهسني و الدنيا بتدوس عليا و في الآخر ألاقي واد روش و قمور شايل أي باد و أي فون و يقولي إنت لازم تكون إنسان طب مش لما أشبع الأول مش لما ألاقي أتعالج مش لما أفرح بإبني راجع من المدرسة بيشرحلي قد إيه درس الساينس كان يجنن و قد إيه المدرسة مليانة لعب و ضحك و جد و إنه مبسوط أوي بيها مش كُل يوم ألاقيها راجع مضروب و متشحتف و حالته تصعب على الكفرة بتوع برة اللي بيقولوا عليهم عشان مش عارف ياخد دروس و لا عارف يدفع المصاريف.
إزاي بتقولي أبقى إنسان و أنا مُرتبي الكبير أوي معداش الألف جنيه و لازم أركب بيه مواصلات و أدفع إيجار الشقة و الكهربا و المية و الغاز و وصلة الدش و وصلة النت إنت لسه بتطلب مني إني أكون إنسان و أنا مُرتبي معداش الألف جنيه و مطلوب مني أكل و شُرب و شاي و هدوم و مصاريف لحتة عيل واحد عنده 5 سنين بس طب ده لو دخل الثانوية العامة هعمل إيه ههههههههههههه لسه برده عاوزني أكون إنسان.


طب عاملني إنت على إني أكون إنسان يا راجل ده الناس النضيفة اللي زيك لما بتشوفني ماشي بيخافوا مني بيفتكروني هجام هههههه ميعرفوش إني حامل كتاب الله و ميعرفوش إني خريج جامعة زيهم و إني متربي تربية حلوة أوي أوي على إيد راجل مُهم أوي الله يرحمه كان وكيل وزارة و كُنا لازم نسمع درس الشيخ الشعراوي الله يرحمه كُل يوم جُمعة في الجامع ميعرفوش إني بدأت أصلي في الجامع و أنا عندي 4 سنين و كُنت بقول لأمي وقتها أنا رايح أقابل ربنا أنا بحبه أوي قوليلي عاوزة حاجة منه تُرد عليا و تقولي عاوزين الستر يا بني دُنيا و آخرة مش عاوزين حاجة تاني يا بني ده كاس و داير و مسيرك توصلني ليه بُكرة أنا و أبوك مكنتش فاهم كلامها بس فهمته و أنا بوصلهم بعد كده بلاش تعاملني كإنسان عاملني زي ما بتعمل قُطتط مش بتجيبلها أكل بالشيئ الفُلاني مش بتجيب ليها شامبو من النوعية اللي بقد كده طب هاتلي أنا حتة جبنة و لا خُدني ربيني عندك ههههههههههههههههه.


هذه كانت القُصاصة الصغيرة التي كان تمنها سيجارة بفلتر أحمر على قهوة في وسط البلد و ربنا يسامحك يا بلد قتلتي حلم الأب بعد ما خنقتي حلم الولد.

السبت، 12 مايو 2012

هل أخطأ الإخوان؟



غالب الظن أنهم أخطأوا و لكن كعادة المصريين حينما يتعصبوا إلى أي شيئ فإنهم يرفعونه مكاناً علياً و لا يتداركوا أن كُلٌ يُؤخذ منه و يُرد إليه إلا الرسول الكريم عليه الصلوات و أفضل السلام فهو كان مُؤيد بوحي الله عزل و جل أما الباقي من البشر فلهُم السعي و ليس عليهم إدراك النجاح و عليهم إدراك أن الدفاع بإستماتة عن فكرة قد تكون صواب أو خطأ هو أمر بغيض إلى أبعد الحدود الفكرة تنتصر بالمنطق و الحُجة و الدليل و البُرهان لا بكثرة المُتعصبين لها و السائرين خلفها.


الطبيعي أن أي حزب سياسي أو فصيل سياسي يبحث عن الحُكم و عن الفوز بأغلبية المقاعد في السُلطات المُختلفة من سُلطات الدولة اللهُم إلا السُلطة القضائية فهي يجب أن تكون مُستقلة بذاتها لا يُوجد لأي أحد سُلطان عليها و هذا حق لا نُنكره على الإخوان أو الليبراليين أو العلمانيين و من هذا المُنطلق لا ينبغي أن نجد غضاضة في ترشيح الإخوان لمحمد المُرسي أو للشاطر أو لأياً كان من الأسماء فكُل الأسماء كما يسوقون تدور في فلك فكر واحد و مشروع واحد والعُهدة في هذا الكلام على من يقوله إلا أننا يجب أن ننتبه إلا أنهم قطعوا على أنفُسهم عهداً و لم يلتزموا به و هو الأمر الغريب من أُناس يُفترض فيهم أنهم تمرسوا في بحور السياسية و خباياها و مُدركون بشدة إلى معنى هذه الحركة المُفاجئة فهي تُعد غريبة علي و أنا لازلت أحبو في عالم السياسة و المُفترض في السياسة أنك تُحافظ على مصداقيتك بقدر المُستطاع و بكُل ما أُوتيت من قوة و من هُنا كان هذا التعجب من أنه لم يُطالبك أحد بهذا التعهُد فأنت من قطعته على نفسك فلماذا قطعته؟ و كيف واتتك الجُرأة أن تحنث به؟ ستجد الكثير من المُبرارت لهذا الحنث و لكنها يُرد عليها بالكثير و الكثير من الكلام و في نهاية الأمر هذا خطأ حدث و أبسط أنواع النقد الذاتي ستؤكد ذلك.


الأمر الذي يتشابه مع ذلك النائب الأنفي فما حدث منه هو جريمة سياسية بكلُ المقاييس و في كُل الأعراف و توقعنا جميعاً أن ينزوي خجلاً و أن يستقيل إلا أنه ضرب بكُل توقعاتنا عرض الحائط و لم يُدرك مدى التشويه الذي سببه إلى أقرانه من نفس التيار السياسي فحزب وليد مثل حزب النور آخر ما يبحث عنه هو مثل هذه الأفعال الصبيانية التي حذفت بالفعل من رصيده كحزب قدم نفسه على أنه ذو مرجعية سلفية بحتة تأمُر بالمعروف و تنهى عن المُنكر تأتمر بأخلاق الإسلام و بقيمه و تعاليمه و هذا ما يقترب بشكل ما من الخطأ الإخواني و إن كان الخطأ الإخواني مُبرر شيئما و له أبعاده في اللُعبة السياسية بينما الخطاً البلكيمي هو خطأ أبسط تعليق عليه أنه خطأ قذر


المُهم أننا نعود إلى الإخوان بعيداً عن حزب النور و النائب الأنفي و نُقدم هذا التساؤل و هو هل خطأ الإخوان جريمة لا تُغتفر و يجب أن يُعاد قمعهم و التحرُش بهم مرة أُخرى كما سبق؟ أولاً في تقديري البسيط الخطأ الإخواني هو ليس بخطأ قانوني يستوجب العقاب فهو خطأ سياسي إنتقص من قدرهم و إنه خطأ له مُبراراته السياسية و أن ثمن هذا الخطأ هو إضافة المزيد من المُعارضين لهم ليس أكثر و يعتقد الإخوان أنهم يستندون إلى أغلبية يُدركون هُم قبل غيرهم أن في الحياة الديمُقراطية لا يوجد ما يُسمى بالأغلبية دائمة فهُناك لُعبة الكراسي الموسيقية المُتغيرة دائماً و أن هذا هو ناموس الحياة نفسها و إنها إن كانت تدوم ما أتت لهُم على الإطلاق و ما يتوقفني هُنا هو ما هو السر في عدم وجود نقد ذاتي و مُراجعات للمواقف السياسية العديدة و الأخطاء التي يقعوا بها؟ و ما هو السر في وجود فصيلين إلا ما رحم ربي فصيل يُنادي بالنقاء الإخواني و أنهم أصحاب الدماء الزرقاء و أنهم المبعوثون من الله لإنقاذ الأرض و من عليها و فصيل يُجاهر بكراهية تنطق بها كلماتهم حرفاً حرفاً.


الإخوان إنفصلوا عن القوى الثورية المُختلفة حقاً و غرتهم كثرتهم التي حصلوا عليها في البرلمان حقاً و تنكروا لرفاق السلاح في المواقف المُتوالية و حينما جاء عليهم الدور في المواجهة أستنكروا على القوى الثورية المُختلفة عدم وقوفهم معهم في نفس الخندق كما لو كانوا لم يترُكوهم من قبل في مُراهقة سياسية رهيبة و مع ذلك شئنا أم أبينا يجب علينا الإعتراف بأنهم لهم ما لهم و عليهم ما عليهم و أنه لا يوجد من هو دون أخطأ و أن الكراهية و التحقير من شأنهم شيئ غير منطقي على الإطلاق.


يكفي أنا أُنهي المقال بهذا التصريح:


إن كاتب هذا المقال مُختلف أيدولوجياً مع الإخوان و لكن هذا الأمر لم يمنعه من أن يتحدث بصدق عن رأيه و أن يُدافع عن حقهم في أن يكون لهم رأيهم و لهم تطلعاتُهم السياسية المُختلفة و أنهم أصحاب مشروع سياسي انتظر الوقت الكافي كي أنظُر إليه و أُقيمه و أُقر بأن لهم دورهم في الثورة و لهُم أخطائهم بعد الثورة و في النهاية أتمنى التوفيق لمصر على يد إخواني أو علماني أو أي فصيل يجتمع عليه الأكثرية و أدعو الله أن يُرشدنا إلى طريق الحق و الصواب

الأربعاء، 2 مايو 2012

بلياتشو




كان في حينا سيرك كبير كان رائع بكل ما تحمله الكلمة من معاني كُنت أقضي به جميع أوقات فراغي و أنا طفل و أنا صبي مُراهق و أنا شاب حتى بعد أن تخرجت و أصبحت طبيب نفسي مشهور و مرموق كان هذا السيرك الكبير هو إختياري الأول لقضاء أي وقت فراغ أملكه كان به فقرة قريبة للغاية إلى قلبي و هي فقرة البلياتشو كانت تُثير بداخلي الضحك الصافي النقي الخارج لتوه من القلب كرضيع خرج لتوه من رحِم أُم حانية أحتضنته سريعاً فما أستمر بكائه إلا ثوان قليلة يُعلن فيها عن مجيئه كانت فقرته حقاً مُميزة كان ينتزع من ضحكات تُشفي آلام الواقع و تُثير دفئ يصهر برودة و قسوة الحياة.


بينما أنا أستعد لإستقبال مريض جديد لي طقوسي الخاصة فأنا أُحاول أن أكون صديقه لا طبيبه أكون مرايته التي يرى من خلالها نفسه التي يظهر بها من دون خجل من دون كل هذه الأقنعة التي تفرضها علينا الحياة دخل المريض الجديد و أنا أُتابعه في هدوء مُحاولاً رسم صورة مُستقبلية عن هذا الرجل الذي يقترب عُمره من الستين و لكنه يتمتع بصحة جيدة مُقارنة بأقرانه تعرفت عليه و على إسمه و طلبت منه أن يحكي لي ما يدور برأسه و ما أن بدأ الحديث حتى بدأتُ في الإنصات مُسجلاً كُل التفاصيل الصغيرة المُهمة التي ستُساعدني حتماً في تشخيص المرض و في مُحاربته أسرد حياة طويلة مليئة بالهموم و المشاكل و كيف أنه يعود من عمله إلى البيت ليجد كُل شيئ مُرتب و نظيف و لكن بلا روح كيف أنه يعود ليجد زوجته تنتظره بسيل من الأسئلة و التحقيق و التدقيق في كُل كلمة كيف يُضايقه هذا الشعور و هو مُحاصر بينما هو ذو قلب حُر لا يكره إلا الأسر و الحصار كيف أن زوجته تعشق النظام و الدقة و كيف يعشق البوهيمية كيف أن زوجته تهتم بصورتها و منظرها أمام كُل الناس إلا أمامه هو كيف يُشاهد الأخبار و يستمر طوال الليل يبكي من تلك الكواراث التي تحدُث من حوله.


تركته قليلاً ليرتاح و يُجفف دموعه و أعطيته قليل من الشاي الساخن ليُنشطه بينما أنا أُنصت له بإهتمام و هو يحكي بتأثُر بالغ عن مُعاناته من جيرانه و كيف أنهم صاخبون عُنصريون لا يتوقفون عن التفاخر بأشياء وهبها الله لهم لم يكتسبوها عن قوة بل إنهم كُسالى و أغبياء لا يستحقون ما بهم من خير كيف أنهم لا يتوقفون عن التحديق فيه و الحديث عنه و عن شجاره المُعتاد مع زوجته كيف أنه يعمل بكد و تعب مُحاولاً أن يوفر لها ما يستطيع بينما هي لا تتوقف عن طلب المزيد.


ظهرت أمامي ملامح المرض و أدركته سريعاً فهذا الشخص إنسان بالغ الحساسية و مع ذلك يُجاهد نفسه أن يُخفي ذلك يحمل فوق ظهره كُل الآلام التي يراها مع إنها ليست آلامه بل إنه يتحملها بأكثر من أصحابها لا تستطيع عيناه أن ترى ألم دون أن يستشعره في قلبه لا يجد من يستمع له فهو دائماً مُطالب بأن يستمع للآخرين بأن يصمت و يتركهم يتحدثون لا يتحمل الضجة و الضوضاء لا يتحمل التشاحُن و البغضاء يتعجب من أن هُناك من يحمل لقب إنسان و لكنه أقرب إلى الحيوان الوضيع منه إلى إنسان هذا الرجُل يُعاني من إكتئاب حاد.


في الزيارات المُتكررة حاولت أن أصف له بعض الطُرق التي ستُساعده على التخلُص من هذا الإكتئاب نصحته بأن يبحث عن هواية له أن يبحث عن مكان يسير فيه يومياً يتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة و اللون الأخضر أن ياُخذ إجازة من عمله و يذهب إلى الشاطيئ أن يسترجع ذكرياته و أن يبحث عن السعادة و في النهاية تذكرت السيرك و فقرة البلياتشو فأنتضفت واقفاً و قُلت له الحل هو أن تذهب إلى ذلك السيرك الكبير في حينا و تُشاهد فقرة البلياتشو و أسهبت في وصف مهارات هذا البلياتشو و قُدرته على إنتزاع الضِحكات من القلوب الواهنة المُكتئبة و أسترسلت في الحديث و الوصف فإذ بي أراه يبكي بحُرقة و يقول و لكنني لا أستطيع مُشاهدة تلك الفقرة يا سيدي الطبيب سألته بقلق لماذا؟!




فرد قائلاً: لأنني ذلك البلياتشـــــو

الثلاثاء، 1 مايو 2012

محمد دياب


كيف أستطاعت تلك الموهبة الفذة أن تنجو من براثن قتلة المواهب المُنتشرين في أرض  المعمورة غالباً لن أجد إجابة على ذلك السؤال حتى لو وصل الأمر بي أن أسأله بصفة شخصية و على الرغم من إمتلاكي لرقم هاتفه غلا إنه لا يرُد اغلب الوقت هذا أمر لا يُضايقني على الإطلاق فهو دائماً مشغول بعمله و بحياته و بنشاطه و لكني أعتقد أنه مشغول أكثر بكونه إنسان.


قد لا تعرفه جيداً إذا كُنت من مُتابعي الأفلام ناظراً إلى الأبطال التي تتحرك أمامك غير ناظر لمن أختبأ خلف الستار مُحركاً إياهم كعرائس مسرحية تؤدي وظيفتها كما رسمها لها تماماً و من يخرج عن الإطار سيتسبب في ضياع العمل بأكمله يلعب دور القائد أو بالتحديد دور راسل كرو في فيلم جلاديتور و هو يُطالب زُملائه المجالدين بالإنتظار حتى تلك اللحظة الحاسمة التي سينقضوا فيها على المُحاربين.


قد لا تعرفه جيداً إذا كُنت بعيد عن عالم الفيسبوك و التويتر فهو موجود بكثافة قد لا تكون صديقه أو قد لا تكون مُشترك في صفحته الشخصية و لكنك ستجد من نشر تعليق له أو من قم بالريتويت لإحدى كلماته التي ستعرف من خلالها لماذا ذكرتُ سابقاً إنه مشغول بكونه إنسان لأن على أرض المحروسة وجدت الكثير ممن لهم كُل صفات الإنسان الفسيولوجية إلا أنهم لا يمُتون إلى هذا العالم الإنساني بأي درجة من درجات على الإطلاق فالإنسان يتألم و يشعُر و يثور و يغضب لكُل ما يحدُث لبني جنسه من الإنسان أم أولئك فلا يفرق معهم أي شيئ إلا ذاتهم التي يجتهدون في تقدسيها و يجتهدون في إقناع الناس بتقديسها.


محمد دياب ينتمي إلى عالم وائل غُنيم و مُصطفى النجار و باسم يوسف و البرادعي و محمد يُسرى سلامة و بلال فضل و مُعتز بالله عبد الفتاح و هبة رؤوف و آخرون تضيق الذاكرة بكتابة أسمائهم هذا العالم الذي فيه يختلفون دون أن يكرهوا يتفقون دون مصلحة شخصية يمدحون الآخرين على جُهدهم يشكورون لهم صُنعة إيديهم بل و يُشجعوك على أن تنطلق معهم إلى آفاق رحبة مليئة بالكثير و الكثير من المعاني النبيلة هُم يختلفون فقط في كونهم ذوي قُدرة على الشعور بالآخر على الشعور بالإنسان المقهور المظلوم المسحوق الممحوق بكُل عوامل الكراهية و التعصب و العُنصرية التي نتوارثها جيلاً بعد جيل.


محمد دياب الذي ادرك أن عمله في مجال دراسته لن يستطيع ان يُوفر له ما كان يصبو إليه فشد الرحال مُطارداً حُلمه إلى نيويورك بالولايات المُتحدة الأمريكية ليعود كاتب سيناريو و مُعد برامج و شاعر و مُخرج و فوق كُل ذلك إنسان ذو مشاعر مُرهفة حقيقية لم يخشى أن تقوده إلى مواجهة مع عالم الإخراج و الإنتاج و صنع ما يُريد ان يُقدمه كرسالة في فيلمه الوحيد من إخراجه 678 لم يخشى من أن لا يجذب الجمُهور الذي يبحث عن بعض من مشاهد ساخنة أو عنيفة أو كوميديا ليعود بعدها إلى مُمارسة حياته بكُل ما بها من أخطاء و سقطات أصر على أن يقول هُناك غلط في هذا المُجتمع الذي يُمثل التيار الإسلامي أغلبية برلمانية به دون أن يكون هُناك إتجاه ديني أخلاقي واضح لهذا المُجتمع الذي له مراكز أولى في البحث عن الجنس عبر صفحات الإنترنت و مراكز أولى في التحرُش بالنساء فأعد هذه الرسالة كأفضل ما يكون في فيلمه الذي مثل لي أنا شخصياً صدمة عنيفة جعلتني أُعيد النظر في تقييمي للسينما المصرية فهي ليست كُلها اللمبي و بون سواريه بل هُناك بديل آخر هُناك محمد دياب.


لا أدري كيف بدأ الأمر معه و تحول إلى قضية من قضاياه و أخذ يُدافع عنها بكل أسلحته و قدراته و وموهبته و لكني هُنا أتخيله و هو عائد من الولايات المُتحدة الأمريكية مُشتاق إلى مصر إلى مدينته الهادئة الإسماعيلية إلى سهرات الليل في شوارع وسط البلد بعد أن كاد أن يأخُذه الوقت من ذكرياته و هو في الغرب المُتمدين المُتعلم فإذ به يرى ما يصدم عيناه التي كعيني طفل برئ أقتحمتها أضواء أستاد القاهرة عن قُرب و أنهار على ذلك المقعد الخشبي في تلك القهوة القديمة و هو غير مُصدق غير مُدرك أن هذا الكم من التحرش بالنساء يحدُث على تلك الأرض التي كان يحلُم بها و هو في الولايات المُتحدة الأمريكية يُطارد ذاته توقف الزمن قليلاً أمامه أخذت الأفكار تدور في رأسه أنفجر الغضب بداخله فأخرج هذا الفيلم بإحساس لم أراه من قبل في أي فيلم كان واضح وضوح الشمس بالنسبة لي أن هذا الشخص يُحب ما يفعله و يُؤمن بقيمته إلى أبعد الحدود.


محمد دياب شُكراً على هذه الرسالة و شُكراً على كونك إنسان.