الخميس، 16 مايو 2013

هيا بنا نكذب


            الأخطر دائما ليس أن هُناك ثمة أشخاص بيننا يُمارسون الكذب بلا أي إتقان أو حيطة الأسوء و الأخطر أن هُناك من يُصدقون هذه الأكاذيب, تعودت أن أتعامل مع هذه الأكاذيب بمنطق التجاهل و أن عتاب الندل إجتنابه و لكن وجدت أن الكثير و الكثير بصورة مُقلقة قد رأوا أن عليهم إغلاق عقولهم و ركنها في بند يا راجل كبر مُخك و السير وراء الكذب بل و ترديده و لأنهم لا يُدركون أننا عادة ما نستيقظ من ترديد الأكاذيب على سقطة مُدوية فقد قررت أن أبدأ رحلتي مع التدبُر في حالة الكذب الإرادية و اللاإرادية التي ظهرت علناً في كُل مكان في مصر.
            عزيزي المواطن هيا بنا نكذب و نُصدق أنفُسنا فهو أمر مُريح إلى حد بعيد و دعنا نُصدق أن طالب مصر حطم أينشتاين و أن هُناك من أخترع علاج لفيروس سي و بي و إي أف دي و أخر أكتشف علاج أمراض السُكر و الربو و البلهارسيا و الديدان المعوية و الديدان الشرجية و الديدان اللي ماشية في حالها و أن هُناك آخر أستطاع أن يخترع موتور يعمل بالماء العذب و آخر أستطاع أن يخترع موتور يعمل بماء المجاري و أن هُناك مُخترع مصري غير مشهور عادة ما يكون إسمه المُخترع الصغير أستطاع أن يخترع بطاريات تعيش طوال العُمر دون أن يحدُث لها أي نضوب و أنه في فترات قليلة ستُحقق مصر الأكتفاء الذاتي من القمح.
            الأكتفاء الذاتي من القمح!!!!!!!!!!!!!!!!!
عفواً جوبلز أنت لا تحتاج إعلام دون ضمير لتخلق شعب بلا وعي أنت فقط تفتقد إلى العظمة التي نحنُ بها أنت فقط تحتاج إلى شعب طيب أغلبه غلبان محتاج إنه يصدق أي حاجة في أي حاجة دون أن يتأكد من أي حاجة بما فيهم كاتب هذه السطور و الذي أكيد أنه وقع في المحظورو نشر بدون قصد أو بقصد بعض من الأكاذيب, أعزائي صدقوني تامر من غمرة لم يكُن أُكذوبة صنعها الإعلام المصري المُتمكن بقدر ما هو أسلوب حياة هيا بنا نتحدث عن القمح عفواً هيا بنا نكذُب.
القمح تلك السلاسل الذهبية التي نأكُلها جميعاً أغنياء أو فُقراء في أفضل الحالات الإنتاجية لها و في الأماكن البحثية المُثلى قد تصل إنتاجيته إلى 24 أردب للفدان هذه المُعدلات خيالية  لحد ما فمتوسط إنتاجية الفدان المصري في أفضل الظروف لا تتجاوز ال18 أردب للفدان و هذه الإحصائيات من جريدة الأهرام الغراء صاحبة أفضل تصريحات حكومية على مر التاريخ.
مُعدل إستهلاك مصر من القمح سنوياً هو الأمر الهام بالنسبة لنا و ليس فقط مُعدلات الإنتاجية و دعونا نقتبس هذه الفقرة من تحقيق في نفس الجريدة "لندع الارقام تتحدث عن نفسها نجد أن استهلاك مصر من القمح سنوياً 11 مليون طن والإنتاج السنوى للقمح المصرى 6 ملايين طن على اساس أن المساحة المزروعة قمحاً هى 2.50 مليون فدان سنوياً أى أن مصر تحقق اكتفاء ذاتياً من القمح بنسبة 60% فى الوقت الحالى"
تحريك الأرقام المُرتبطة بالمُعادلة ليس صعباً يُمكنك أن تُطبق أبجديات الزراعة حقاً في محورين رئيسيين هُما التوسع الأُفقي بزيادة المساحة المزروعة و التوسع الرأسي بزيادة إنتاجية الفدان و لكن هذا الأمر سيتطلب أكثر من إبتسامات باسم عودة الواثقة أمام الكاميرات و بُصبحته أحد مُرتدي البيادات و الذي لا أعرف حقاً ما دخله بإنتاج القمح و لكن هي فُرصة جيدة للظهور في الصورة فأصحاب البيادات أياديهم واصلة في كُل شيئ إلا فيما يتعلق بأبجديات العسكرية نفسها على العموم هذا ليس موضوعنا من الأساس.
المساحة المزروعة من القمح تتراوح حول رقم 2.5 مليون فدان و هو ما يُحقق الرقم الذي رأيناه بالأعلى هذا الرقم يُمكن تحريكة بحد أقصى ليُصبح 3 مليون فدان و مع زيادة الإنتاجية و إتباع الأساليب العلمية الحديثة و خلافه من العوامل الأُخرى نستطيع أن نقضي على الفجوة بين الإستهلاك و الإنتاج و مع إنشاء أماكن جيدة للتخزين و ترتيب المنظومة يُمكن و لكن هذا لن يحدُث في يوم و ليلة.
عزيزي الناشط الفيسبوكي توقف قليلاً عن نشر قصص حرق أفدنة من القمح فحتى لو كان كلامك حقيقياً فإن حرق مئة فدان من القمح لن يكون له ذات التأثير الرهيب على الفجوة الرهيبة و الموجودة من الأساس أنت بحاجة إلى نشر أخبار مؤكدة عن حرق مليون فدان مثلاً من القمح كي تستطيع تسويق نظرية المؤامرة التي تؤمن بها و يجب أن تُحدد لنا القوة البشرية الكافية لحرق مليون فدان من القمح و عن نوع التسليح الذي سيقومون بإستخدامه في هذه المُهمة لأنك ستحتاج أن تخترع حرباً وهمية يا صديقي الناشط.
الإكتفاء الذاتي من القمح هو حُلم يجب أن يكون هدف و يجب أن يكون له خطة عمل بتوقيتات مُحددة و مسئولية مُباشرة أما أن يتحول الأمرإلى هذا القدر من الإبتذال فأنصحك أن تنضم إلى حملة هيا بنا نكذب فهُناك من يُصدق و هي بنا نُردد تلك الأكاذيب حتى تُصبح حقيقة زائفة و من ثم تستيقظ على كارثة مثل كارثة 67 حينما قام طُلاب الكُلية الجوية الإسرائيلية بتدمير مطارات و طائرات الجيش المصري العظيم الكبير الوهمي الذي أخترعة الرئيس عبد الناصر.
عزيزي المواطن الطيب الذي يبحث عن تصديق الكثير و الكثير من المُعجزات و إنتظارها أرجوك أفق من غفلتك قبل أن تستيقظ لترى كُفر قوم عاد – أُنظُر حولك تأمل – فكر – أستشر – لا تترُك لهم دماغك كي يعبثوا بها كما شاؤا – تعلم و ثقف نفسك و تدبر فيما تسمع و تقرأ كي لا تظل هكذا مُجرد مُنتظر لشيئ لن يأتي.
لماذا تتعب و تجتهد و تُفكر و تبحث و تقود و تعمل بينما يُمكنك أن تختلق الكثير من الأكاذيب و التي ستجد حتماً من يُرددها و يحفظها عن ظهر قلب.