السبت، 26 نوفمبر 2011

عزيزي الثائر



لا تطلب من الطُفيلي أن يُصبح كائن حي فالكائن الحي يتكون من خلايا مُتعددة تستطيع أن توفر لها مقومات الحياة في ظل التنافس الرهيب الذي خلقه الله على الأرض فالكائن الحي يملك مشاعر و جهاز عصبي أما الطُيلي فلا يملك إلا أن يبحث عن عائل يعيش في كنفه يمتصه بسرعة أو ببطء المُهم أنه يمتصه يخدعه في بداية الأمر حتى يصل إلى منطقة مُحببة له يقبع فيها و يُرسل ماصاته إلى دماء الكائن الحي فينهل منها و لا يستطيع أن يحيا إلا هكذا.


فلا تُطالبه أن يكون عنده نخوة أو ضمير لا تُطالبه أن لا يُدافع عن حقه في البقاء بالقضاء عليك لا تُطالبه أن يتوقف عن إمتصاصك و تدمير حياتك فهو مخلوق هكذا و لهذا الغرض عليك أن تكُف أنت عن الجدال معه و أن تبدأ فوراً في القضاء عليه عليك أن تُدرك قبل فوات الأوان وجوده عليك أن تعتذر لجسدك و روحك اللذان يُدمرهما ذلك الطُفيلي عن صمتك المُطبق الذي ران حتى ظنك الجميع جسد بلا حياة توقف عن الخيال بأنك العنقاء ستعود من تحت الرماد أو أنك أخيل أصابك باريس بسهمه في كعبك الفاني و أنك ستعود ذلك البطل كما كُنت من قبل توقف عن تلك الأساطير التي تعيشها لست عظيماً و لكنك تستطيع أن تصنع عظمتك بنفسك.


توقف عن جدالك مع الكلاب فهذا النوع من الكلاب تدرب على أن يكون له سيد واحد لا يستطيع أن يُدرك أنك أنت سيده لا يستطيع أن يفهم إلا من يُلقي إليه بقطعة اللحم المغموسة تماماً في دماء طاهرة نقية هذه الكلاب عاشت و تربت و هي لا يساورها أدنى شك في أن ما تفعله قد يكون خطأ بل هو يفعل الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من ورائه و لا من أمامه لا تتخيل أنه يذهب إلى البيت بضمير مُعذب أو بعيون باكية لا يا سيدي هو يذهب إلى البيت بضحكاته الطويلة و يُداعب إبنه و يحتضن إبنته و يمارس الغرام مع زوجته و يأكل بشهية دون أن يطرف له جفن دون أن يتذكر أي أحلام و آمال كان تُمثلها تلك الحياة لأسرة أو لعائلة أو لوطن دون أن يعبأ أو يكترث بما سيكون مصير من تركهم قتيله بل الأدهى و الأنكى و الأمر أنه يذهب إلى الصلاة و يقف بين يدي الرحمن يتلو آياته الحكيمة و يركع و يسجد و قد يستمع إلى الآيات التي تُحرم قتل النفس إلا بالحق و لا تخترق ذلك الصخر الجاثم على قلبه.


قد يذهب إلى الإحتفال بعيد ميلاد صغيرته بعد أن إنتهي من تعذيب أحد أفراد جماعة الإخوان أو قتل شاب سلفي أو أنتهى من تلفيق قضية لمواطن شريف صاحب رأي أو أضطهاد قبطي دينياً أو تجاوز عن إساءة لمواطن لأن زميله طلب منه ذلك قد يكون أمر كلابه أن يتحرشوا جنسياً بزوجة مُعتقل حتى ينتزع منه إعتراف هو قد يعرف يقيناً أنه أعتراف كاذب توقف عن هذا الهُراء يا عزيزي الثائر فهؤلاء لا قلوب لهم و لا ضمائر لديهم أنت كمن يبحث عن النقاء و الطهارة بين ساقي عاهرة إنت كُنت تبحث عن النقاء أتراه حقاً في عيون الأطهار الثوار و الشهداء إن كُنت تبحث عن الشجاعة فهي في قلوب من فقد عيونهم بينما يدافعون عن قضيتهم.


عزيزي الثائر كُلنا نعلم أنك قدمت كُل ما تملُك في هذه الثورة و كُلنا نعلم أنهم قتلوك أكثر من مرة تارة يقولون أنك بلطجي و تارة يقولون أنك حديث العهد بالديمقراطية و تارة يقولون أنك مدمن للمخدرات و أنك تُشيع الفاحشة بين الناس و تارة يقولون عليك أنك مُسجل خطر و تارة يقولون عليك أنك لص مثُير للشغب كُلنا نعلم أنك أطهر ما في هذه الأرض لذا أنت تنتظر أن تكون مع من سبقوك من أهل السماء.


عزيزي الثائر إنهم بمصرنا و بمصيرنا و بأقدرانا يعبثون يعتقد الكثير منهم أنهم على حق و أنك عُثرة في وجه مقاعد برلمانية مُلوثة أو أنك حجر كبير في وجه إقتصاد كان مُنحدر و لازال ينحدر يذهب إلى الأسفل مدفوعاً بقوة أجيال تربت على الفساد و على الإنحطاط تعلمت منها الشياطين كيف تكون الأفعال.


عزيزي الثائر إن كانوا كُلهم كفروا بك فقد آمنت بك و بحلمك و بأملك وفقك الله على الطريق

ليست هناك تعليقات: