الثلاثاء، 3 أبريل 2012

أجندةالثورة (إنهم يكتبونني)


       مُنذ بداية الثورة يوم 25 يناير 2011 و الأحاديث لا تنقطع عن أن الثوار لديهم أجندات كُنا نستمع إلى تلك الكلمات المُتناثرة عن أجندات تملأ ميدان التحرير و ميادين المُحافظات التي حفلت بفاعليات ثورية لكن دون أي دليل مادي على وجودة تلك الأجندات و دون أن يستطيع الجهاز الأمني الرهيب المُرعب أن يضبط و يتحفظ على أجندة واحدة و يعرضها على شاشات التلفاز أو تُستعمل كدليل مادي في قاعات المحاكم.

       و بعد أن أطمئن جمهور الثوار لسيطرتهم على مقاليد الأمور في البلد و عدم خوفهم من أي عقاب أو مُحاسبة هاهي الأجندات تظهر بل و يتم طباعتها في كِتاب و يتم توزيعه في كُل مكتبات القاهرة أستطعت بعد جُهد ليس بقليل أن أحصُل على نُسختي من مكتبة الشروق بسيتي ستارز حِفظه الله لنا و للأُمة العربية كُلها و بدأت خيوط المؤمراة تتضح أمامي خيط تلو الأخر و تساءلت في إعماقي عن ماذا كان سيحدُث في مصرنا الحبيبة لو كان كُل مصري لديه تلك الإجندة!!!!! و يا ليت.

      أجندة الثورة (إنهم يكتبونني) بقلم ثلاثة من المصريين و كفى بهذا الوصف بلاغةً فكلمة مصري عادت إلى كرامتها و عِزتها شيئما بعد أن تدهورت تلك الكلمة كثيراً في الثلاثة عقود الماضية و رأيت ذلك بأُم عيني في كُل مرة أسعدني الحظ فيها و كُنت خارج مصر أو بصُحبة أصدقاء من خارج مصر على أرض القاهرة لكن هذا الوضع تغير و أصبح العالم ينظُر إلينا بكثير من الإحترام و التقدير.

إنجي مُحيي الدين - هالة الزغندي - أحمد سلطان

     ثلاثة من الشباب المصريين قاموا بنشر الأجندة التي ظلت طوال أكثر من عام مُختفية فتحت صفحات الكتاب على عجل بينما أنا أُتجه إلي سيارتي لأجد بعد أن وصلت إلى السيارة أن الأمر يتطلب مني أنا أرتجل منها مرة أُخرى و تسللت خارجاً إلى مكان هادئ و أنا أُجاهد عيناي و يداي أن لا أبدأ القراءة و أنا أسير في الطُرقات إلى المقهى الهاديئ المُنعزل و ما أن أرتميت على ذاك المقعد الوثير حتى هدأت نفسي و بدأت ألتهم بشراهة تلك الأجندة الرائعة.

     هُناك من تراه فتتذكر موقف أو مُناسبة جميلة و هُناك من تتحدث معه فتسترجع بعضاً من الوقت الجميل الذي مضى إلى حال سبيله و لكن قليلة هي تلك الأشياء التي تستطيع أن تنتقل بك إلى الماضي و تُعيد معك نفس مشاعرك و أحاسيسك نفس شوقك و لهفتك نفس دموعك و ضحكاتك نفس الأسى و نفس الفرحة كما لو كانت آلة زمن رجعت بك إلى الماضي الذي أنقض عليه الحاضر يمحيه لياخُذ مكانه لاحقاً أجندة الثورة واحد من تلك الأشياء التي أستطاعت أن تُعيديني إلى الوراء قليلاً ما يقُرب من عام و بِضعة شهور وقت كان أبي رحمةُ اللهِ عليه يأتني صوته عبر الهاتف مُطمئناً أنهم بخير و أن الوضع آمن في القاهرة بينما أنا أُغالب دموع خوفي و رهبتي و فرحتي مما يحدُث و بما يحدُث.

      عُدت إلى أوقات كُنا نحلُم بينما هُناك من يدهسون الأحلام في تلك العيون البريئة غلى أوقات كانت قلوبنا تهفو إلى أي أمل وقتما كان هُناك من يذبحون الأمل بدمٍ بارد و بوحشيةِ مُقززة وقتها كُنا نهرب من كُل هذا إلى واقعنا الإفتراضي على صفحات موقع التواصل الإجتماعي الأشهر على مُستوى العالم لنضع كلِماتنا على تلك الصفحات لنرى أنفُسنا كما نُريد لا كما يُريدوا لنتشارك لوحات نرسُمها بكلِمات هي بنات أحلامنا و أمانينا و آمالنا المُعلقة حتى أتى ذلك اليوم الذي تحقق فيه اليسير من تلك الأحلام و أضحى حقيقة و بينما يُطارِدنا الواقع تكون أجندة الثورة هي الوسيلة الوحيدة لتعيش نفس ذات الأيام التي رأينا بها الحلم و هو يُولد من رحِم المُعاناة و بصبر و تأني و شوق و لهفة أستقبلنا الحُلم الوليد لعله يكون رحيماً بنا.

      أجندة الثورة الحقيقة هي ذلك الكتاب الذي أمام عيناي الآن بكُلِ حروفه و أفكاره هو ما كتبت أنا و أنت أو ما كُتِبَ عني و عنك نعم قد لا نكون مشهوريين و مرموقيين كي يكتبوا عنا و يحكوا قصصنا و لكن يكفي أن نكون مصريين ليكتبوا عنا فما حدث وقتها كان أكبر و أضخم من أن لا يُكتب عنا كتاب معه تشعر بالحميمية و القُرب تحتضنه كعاشق ألتمس عشقه أخيراً بعد طول صبر سترى فيه إسمك أو كلماتك سترى فيه قصتك أو أحلامك سترى فيه نفسك وقت الثمانية عشر يوم الذين خلدهم التاريخ.

      هذا الكتاب جمعه و كتبه أشخاص قد جلسوا بجوارك في الجامعة ركبتم سوياً نفس القطار حضرتم حفل فيلم في ذات السينما عبروا الطريق أمامك و أنت مُسرع بسيارتك تُحاول اللحاق بعملك تقابلتم سوياً في مطار القاهرة الدولي بينما أنت مُسافر و هُم عائدون شجعتم بنفس الحرارة الفريق المصري و هو يُحرز بطولة ذرفتم نفس الدموع تشاركتم نفس الحُلم أبتهجتم نفس البهجة هُم كتبوا عنا لإنهم حقاً منا.


إجندة الثورة هي تلك الإجندة التي كُلما فتحتها رأيتُ بها حلماً أو أُمنية أو أمل يصرُخ قائلاً أنا مصري.



ليست هناك تعليقات: