الأربعاء، 4 أبريل 2012

الحُب


قد يتبادر إلى ذهن القارئ العزيز أن هذه المقالة مقالة رومانسية مليئة بالأشواق و الحنين إلى روح المُراهقة الهادرة و مشاعرها التي تستطيع أن تقتحم كُل حصون العادات و التقاليد أو أنها مُتشبعة بطعم الشباب و جُرأته و إقدامه على تحطيم القيود و كسر ما يُعانيه من إحباط أو يأس بقصص تُلهب خيال القارئ و تُدغدغ مشاعره و قد يذهبُ الفكر بعيداً و يتصور أنها مقالة عن مرحلة النُضج و مشاعر أبناء ما فوق الثلاثون إلا أنني أعتذر هي مقالة سياسية بحتة لا يوجد بها أياً من السابق ذكره إلا أنها تتحدث عن شعور كثيراً ما نفتقده في كُل حياتنا و في مُختلف أوجه الحياة.

قد تستوقفك بعض العبارات الدينية سواء كانت في الدين الإسلامي أو في الدين المسيحي آيات من القرآن الكريم أو تعاليم الإنجيل تتحدث عن هذا الشعور و عن أهميته و عن أنه إذا صلُح القلب و أمتلأ به صلُح الجسدَ كُله و أنتشت الحياة و تناغمت مع ما حولها من مُشكلات و مُتطلِبات و عوامل مُختلفة و لكن ما أن تنظُر في وجوه المُتدينين حتى تجد أنك تفتقد هذا في عيونهم إلا ما رَحِم ربي و هُم للأسف قِلة حتى أنني في ذات يوم أنفعلت و أنا أتحدث مع صديق سلفي قائلاً يالا العجب لما لا تتصدر أنت و أمثالك المشهد السياسي لهذا الفصيل الكبير فوالله ما رأيت منهم إلا القليل من الحق و الحُب و دليلي هُنا أن حزب وليد جمع أغلبية كبيرة من ثقة الناس به يعتذر في أقل من 3 شهور عن الكثير و الكثير من الأخطاء الناجمة عن غياب الحُب و الإحترام و الصدق و هي قيم دينية سامية قبل أن تكون قيم أخلاقية حتى أصبح البعض يتندر على الأستاذ بكار قائلاً المُعتذر الرسمي بدلاً من المُتحدث الرسمي لحزب النور.

قد تتعجب من حملات السُخرية و الإنتقاد المتواصلة بين كُل حزب أو جماعة بين كُل مرجعية أو ثقافة بين كُل فصيل كما لو كان لا خير لمِصر إلا بالصراعات يُساعدهم على ذلك الراعي الرسمي للإنشقاق و التفسُخ و هو لا يُلام في ذلك فمن مصلحته و مصلحة أسياده أن نظل هكذا غير عابئون إلا بتوافه الأمور مُتناحرين مُتشاحنين كأبن كلثوم من تغلُب و إبن هند ملك الحيرة لا نتوقف عن الصراعات إلا لو أكلت الأخضر و اليابس و تركت وجوه الأطفال كشيخٌ عابس ينتظره الموت ببُطء و تأني.

فترى المعركة تلو الأُخرى و ترى النفوس التي تآلفت في ثمانية عشر يوم صنعت فيهم ببركة الله و فضله مُعجزة لو كان تحدث عنها من قبل أن تحدُث لقُلنا مجنون ثُم مجنون ثُم مجنون و أني لأتذكر وقت أن ذهبت العرض لفيلم دُكان شِحاتة و هو يبدأ بتوقع ثورة جياع تجتاح مصر أنا خرجت و أنا ناقم من العرض على هذا الخيال الذي يودي بصاحبه إلا أن يتخيل سيناريو كهذا فمن المُتعارف عليه دولياً أنه في مصر لا أحد يموت من الجوع و أن الجميع يتشارك في حمل الهم حتى و لو بلغ مداه فمن جمعيات خيرية إسلامية إلى جمعيات خيرية ليبرالية إلى كنائس كُل يقوم بما يستطيع به من جمع للتبرعات هُناك من يدفعها سعيد و هُناك من يدفعها مُدركاً أنه له يومه و لا بأس بأن يدفع هذا النُذر القليل اليسير الآن و هُناك دولة بحجم مِصر قامت ببناء و تشغيل و تجهيز مُستشفي للسرطان بأموال الشعب بينما الدولة هي من سرطنت كُل شيئ للشعب ثُم تُطالبه بأن يتبرع لعلاج نفسه لا تتعجب فهي إرادة الله فقد حدث ما حدث و خرج أبناء الصمت عن صمتهم و كسر الخائفون حاجز الخوف أسقطوه بصرخة قائلة خدوا ما تشاؤا من الدماء فهي ليست لنا هي لرب كريم جبار مُقتدر هو العزيزُ القوي خذوا حتى تشبعوا فعنده الكتاب و إليه الحساب و إليه مرجِعنا جميعاً.

و حتى أنتهت أيام فتح الله علينا بنسمات من الحُرية من عبودية الإنسان و الإتجاه إلى عبودية الله بدأت الفِتن تتوالى لن أشغل بالي بيد من عسكر كان أم أمريكان ظرف ثالث أم رابع أو فليكن عاشر فأنا لا ألومن إلا نفسي إلا غبائي كشعب لم يُدرك اللحظة الفارقة لم يُؤثر على نفسه من يتوسم به الحاجة من يمد يده للآخر قائلاً فلنطرح هذا جانباً و نتعاون أتروا معي أنا هُناك من يُنشد لأبن كُلثوم قائلاً:

أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْنا  وَأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينا
بأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضاً وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رَوِينا
إِذا بَلَغَ الْفِطَامَ لَنا صَبِيٌّ تَخِرُّ لَهُ الْجَبابِرُ ساجِدِينا


و الجميع يستبدل كلمة أبا هند مُخاطباً الجماعة التي يرى أنها تُعاديها و يا ليت أبا هند تعاون مع إبن كُلثوم و أتحدوا ضد الفُرس أو الروم و صنعوا لهُم مجداً مُشتركاً و لكن يبدو أننا نُكرر نفس الأخطاء بنفس الدقة و بنفس الحرفية مع أن هُناك حديث للرسول الكريم صلاوات الله عليه و سلامه يقول لا يُلدغ المُؤمن من جحراً مرتين.

عزيزي الليبرالي أو العلماني السلفي أو الإخواني المدني أو المسيحي أياً كان شكلك أياً كان لونك جنسك مُعتقدك دينك الذي يُقارعك بالفكرة ليس عدوك عدوك هُناك رابض يغتصب في أرض أهلك و ينظُر بسعادة و غِبطة لصراعاتك و غبائك و يتمنى لك داوم الحال 


قد نختلف في الشكل و في اللون و لكننا شخص واحد في عيون بن صهيون 

ليست هناك تعليقات: