الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

العلاقة بين السياسة المصرية و كُرة القدم.


الساحرة المُستديرة كما يحلو للبعض إطلاق هذا الوصف عليها يبدو أن تأثيرها في كيان الشعب المصري أقوي و أكبر و أعمق مما نتخيل و يبدو أن الإنتماء الكروي و التعصب الشديد له قد أفرز مُتعصبين في كُل المجالات الأُخرى دون أن ندري هذا المُتعصب لا يرى لا يسمع لا يتكلم إلا بما يراه في فريقه الذي يُشجعه في حِزبه السياسي إن كان مُنضماً لحزب في أيدولوجيته أياً كانت هذا المُتعصب قد يكون أنا قد يكون أنت قد يكون كُل شخص في أرض الوطن العزيزة.قالها مُنذ زمن الرائع الراحل الساخر برنارد شو "كُل شيئ كان مُمكن أن يتم بصورة أفضل طالما قام به غيري" في إشارة واضحة إلا أن النفس البشرية بطبيعتها لا ترى الأفضل في الآخر بل تراه في نفسها فقط و مع ذلك فقد تخلص العالم الغربي و الأوربيين بشكل واضح من تلك الشوفيينة المُفرطة و بدأ ينظُر للجنس البشري على إختلافاته المُتعددة على أنه قوى مُضافة لا قوة مُضادة فلم يعُد الألمان مهوسون بتأكيد تفوق الجنس الآري و لم يعُد الإنجليز مشغولون بنقاء التركيبة السُكنية في لندن التي غالباُ لن تجد فيها إنجليزي الأصل بسهولة فقد اكتسحها العرب و الهنود و الباكستنين و عن فرنسا فحدث و لا حرج عن تعدد الثقافات و الأصول هُناك.إلا إننا في مصر لم نتخلص بعد من تلك الأزمة التي نراها في كُل مجال و في كُل مكان كُل شخص يرى نفسه هو الأنقى هو الأطهر هو الأفضل هو وحده المعصوم من الخطأ هو وحده الذي يجب أن يتكلم و يستمع له الآخرون – ليس غريب على المصريين أيضاً إيمانهم بالقيمة الفردية دون قيمة العمل الجماعي أو العمل المؤسسي و دائماً ما ينتظر المصري من شخص أن يكون المُلهم القائد الحكيم الذي يجب أن يسيروا ورائه الأمر الذي يُفسر لنا ظاهرة عبد الناصر و مُريديه التي لازالت مُستمرة حتى الآن و كما هو الحال عند السلفيين أتباع شيوخ بعينهم فهم يرفعونهم مكاناً عالياً و لا يستمعون لآخر غيرهم.إذا كُنت مُشجع أهلاوي فأنت غالباً سترى أبو تريكة أحد أفضل من أنجتهم الملاعب المصرية و لك الحق في ذلك و لكنك لن ترى على الإطلاق أن شيكابالا هو أحد أكثر اللاعبين المصريين مهارة و سُرعة من الثبات و تصويبات صاروخية ناعمة و العكس تماماً إذا كُنت زملكاوي فأنت لن ترى أن أبو تريكة قائد جيد للملعب و أنه يتميز بالقُدرة على صُنع ألعاب لزُملائه غالباً ما تنتهي بأهداف.قد يكون ما يحدُث مقبولاً في كُرة القدم أما على الوجه الآخر و هو الوجه السياسي فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق يُهدد وحدة الوطن و سلامته و ستسأل نفسك غالباً كيف؟ سأقول لك حينما تُتابع شراسة الإنتخابات الأمريكية و هي قد أقتربت بالفعل ستتوقع أنه فور نهاية تلك الإنتخابات ستندلع الحرب الأهلية في الولايات المُتحدة مرة أُخرى بل بالتحديد نتذكر المعركة الإنتخابية بين آل جور و جورج بوش و التي يُقال أن بوش حسم المعركة الإنتخابية نتيجة خطأ في إحصاء الأصوات بولاية فلوريدا إلا أن الأمر مر بسلام و دائماً ما يمُر بسلام لأن هُناك النظام ينتصر و ما أن يصبح المُرشح رئيساً حتى يتلف الجميع من حوله و مُساعدته لا رغبة في نجاحه و تفوقه بقدر ما هو رغبة بدفع الوطن إلى الأمام و الحفاظ على مكانته كأقوى دولة في العالم.بعد أن إنتهت الإنتخابات المصرية بفوز مُرسي بفارق ضئيل رأيت مقالات و صفحات على الفيسبوك تتحدث عن انه يجب أن يُدرك أنه ليس رئيس كُل المصريين و أنه فاز بفارق ضئيل و صفحات من نوعية مُرسي مش رئيسي و كلام كثير من أشخاص يدعون أنهم النُخبة التي تُنادي بالليبرالية و الديمُقراطية و قيم الحُرية و المساواة و تفعيل دولة المؤسسات الأمر الذي وضعني في مأزق شديد فأنا اعتبر نفسي ممن يُنادون بالقيم الليبرالية المُتحررة من التعصُب و الشوفيينة فكيف بهؤلاء الناس يُطالبون بديمُقراطية إنتقائية تقتصر فقط على النُخبة التي لا أدري ما هي أُسس الإنضمام لها أو على أي أساس نعتبر هذا من النُخبة و هذا من الرُعاع كان الأمر حقاً مُحير و وقتها أدركت أن هُناك من لم يستطع أن يتقبل أن يكون هُناك رئيس مُختلف عن أيدولوجيته و عن حزبه و عن جماعته و دون التطرُق لموضوع أن الأختيار الآخر كان كارثي إلى حد بعيد و هو الفريق شفيق قاتلاً و مقتولاً مُحترماً القضاء و هارباً منه في نفس الوقت.سيأتي ذلك الوقت على كُل سياسي و سيكون عليه الأختيار بين مصلحة الوطن و مصلحته الحزبية لا أتذكر بالتحديد من قائل هذه العبارة الساحرة البديعة و لكنها واقعية إلى حد بعيد و يجب أن تكون ميثاق الشرف لكُل من يعمل بالحقل السياسي بأن تكون مصلحة الوطن أولاً و أخيراً في كُل إتجاهاته و حركاته و لكن للأسف ليس الأمر بهذه الصورة عند كُل السياسيين المصرين فهُم لازالوا مُتأثرين بنظرية الأهلي و الزمالك.يبقى حديث هام للغاية يحتاج إلى كثير من الشرح و الإسهاب و هو لماذا قامت الثورة المصرية؟ سنرى إجابة مُتوقعة و هي قامت من أجل إرساء قيم الحُرية و العدالة الإجتماعية و المُساواة و الديمُقراطية  و القضاء على الفساد و إعادة كرامة المصري المُهدرة و ما إلى ذلك و يأتي السؤال الثاني و هل نجحت الثورة المصرية في تحقيق أي من أهدافها أعتقد أن الإجابة ستكون بلا و يرجع هذا إلا أن الجميع يُريد أن يجلس على كُرسي قائد السيارة و لا أحد يرضى بأي دور بديل لأننا من داخلنا مُقتنعين بأننا الأفضل على الإطلاق بينما نحُن ....... على الإطلاق أيضاً.  

ليست هناك تعليقات: