الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

الديمقراطية المصرية


هُناك إختلاط كبير في المفاهيم السياسية على الساحة المصرية فعلى الرغم من إنشغال أغلب أفراد الشعب المصري بالسياسة مؤخراً إلا إنك ستجد إختلاط رهيب في المفاهيم و المعايير السياسية فحتى يومنا هذا ما أن تتحدث إلى أحد الخُبراء السياسين الجُدد عن جماعات الضغط و عن الكُتل التصويتة و عن اليمين المُحافظ و اليسار المُتحرر و عن تيارات الوسط الناعمة و عن أهمية المبدا الميكافيللي للدولة لا للحزب أو حتى لو تحدثت من مُصطلحات سياسية من نوعية ثيوقراطية و عسكرية و مدنية ستجد الخبير الواقف أمامك فاغراً فاه أو مؤلفاً أي ردود توحي بأنه لا يعرف أي شيئ في أي شيئ.إنها حقاً الثورة التي تسببت في أن الجميع يتحدث عن السياسة الأمر الذي لا يُثير الدهشة حينما ترى مُقدمي برامج الدعارة الرياضية و هُم يتحدثوا عن السياسية كما لو كانوا دكتورة هبة رؤوف أو مُعتز بالله عبد الفتاح فما بالك برجُل الشارع العادي الذي يعشق الفتي و إبداء الأراء.و لكن مع كُل هذا الإنفتاح السياسي و الشغف الرهيب بالسياسة الذي أصبح يُسيطر على جميع أفراد و طوائف الشعب المصري إلا أنك لا تملُك إلا ان تتعجب من أداء التيار النخبوي ودعونا في بداية الأمر نُحدد ما هو التيار النُخبوي هو ذلك التيار الذي يظهر في شاشات الفضائيات ليلاً نهاراً و جهاراً كمان ليملأ أدمغتنا بالكثير من الكلام و التنظير و التوصيف بدون وجود أي أفعال تتسق مع هذه البيانات و التصريحات و مع أن هذا التيار النُخبوي كان من المُفترض أن يضم المُثقفين و المُثقفات المُشتغلين بالأمور السياسية و ضالعين في علومها و ألاعيبها إلا إننا لا نرى مِنهم إلا قِلة تظهر على أستحياء و لا تُجيد توجيه الرأي العام بالشكل الذي تستطيعه بعض الأطراف الموجودة على الساحة و هُم من يستطيعون أن يُداعبوا عاطفة المصريين ذات الهوس الديني.الديمُقراطية لا تعني حُكم الأصلح و لكنها تعني حُكم الأكثرية للأسف مفهوم غائب عن الكثير من النُخبة إلا ما رحم ربي هذا المفهوم بحاجة إلى أن يتم تفعيله بصورة أو بأُخرى فالناخب البسيط أو الكُتل التصويتة الموجودة بقوة في المُحافظات و بأستثناء أصحاب الأيدولوجيات المُختلفة بحاجة إلى من يتحدث لُغتهم بحاجة إلى من يتحدث معهم و عنهُم بحاجة إلى من يمس الأحتياجات الحياتية لهُم و بمعنى أوضح الناخب و الكُتل التصويتة المُختلفة لن تنبهر بحديث عمرو حمزاوي مع مُعتزبالله عبد الفتاح عن أي الأنظمة السياسية أصلح للفترة القادمة و غالباً لن يُدركوا الفرق بين النظام البرلماني و النظام الرئاسي و لكنهم سينبهروا حينما يروا من يقترب منهم ببعض من الأحتيجات العينية التي لا يجدوها من مأكل و ملبس و مشرب يحتاجون أن يستمعوا عن من انشأ مدرسة أو مُستشفى خيرية أو يقوم بعمل أي مشروع يلتف حوله أبناء المنطقة في الأعياد أو في المُناسبات المُختلفة.يبدو ان النُخبة بحاجة لأن تُدرك أن العمل المُجتمعي المُكثف هو الطريق السليم للوجود بين رجُل الشارع أن الحديث بإستمرار مع طوائف الشعب المُختلفة و الإستماع لهم و لمشاكلهم و الأقتراب من حياتهم هو السبيل الأفضل عن الجلوس أمام مُذيعة حسناء أو مُذيع وسيم لبق الكلام يرتدي بدلة انيقة سعرها يتجاوز مُرتب سنة لأحد أبناء المناطق الشعبية ذات الكثافة السُكنية العالية.الأمر الذي لا يخلو من الطرافة على الإطلاق و يُثير حاسة السُخرية لدى المصريين حينما يبدو المُذيع و هو يسأل أحد معدومي لا محدودي الدخل عن أي حزب ينتمي إليه حزب الحُرية و العدالة أم حزب الدستور فيرُد عليه المواطن قائلاً انا حسبي الله و نعم الوكيل.لا أدري لماذا ترتسم على شفتي إبتسامة ساخرة عريضة و أنا عمرو حمزاوي يستخدم الألفاظ الرنانة المُعتادة له أو أحد تويتات البوب التي تُحرك بداخلي أنا مشاعر جمة و لكني لا أعتقد على الإطلاق ان عم أحمد البواب و أُم هُدى مراته هيتفهموا أي من تلك الأمور مع أنهم كُتلة تصويتة رائعة تتكون من 5 أفراد يعيشون جميعاً في غُرفة واحدة.أصحاب التيار السياسي الإسلامي أدركوا تلك اللُعبة مُبكراً و بدأوا بالهجوم على المُختلفين بطريقة مُنظمة و إن كُنت أنت أو انا نتسائل عن ماهية العقول التي تستمع لكلام خالد عبد الله و أتباعه المُنطلقين في الفضائيات الدينية فلا تقلق هُم أعداد تتعدى الملايين فاصحاب هذا التيار يُخاطبوا العاطفة الأسمى لدى المصريين عاطفة الدين و هُناك قطاع عريض من المصريين يُدرك أن الدُنيا أو الحياة المُرهفة بالنسبة له حُلم بعيد المُنال لذا فهو يبحث عن آخرته أضف إلى ذلك قطاع عريض من الشباب الذي يشعُر بأنه أستطاع أن يُرضي ضميره الديني بإنتخاب التيارات السياسية الإسلامية على اساس إنهم ناس بتوع ربنا بينما هو غارق في الهلس المُحرم بكُل انواعه.و يذكُرني في هذه النُقطة قصة ظريفة حدثت إبان الإنتخابات البرلمانية السابقة فقد ذهبت إلى المقهى لأجد نقاش سياسي حاد بين اثنين في قمة التناقض – مُهندس محمد و هو شخص مُحترم و مُثقف و مُطلع يعشق القراءة و التدبُر في كلام الله و أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام يُمارس عبادة التأمُل بطريقة روحانية جميلة و المُهندس عادل و هو مُهندس كمبيوتر حياته كُلها في الملذات و الشهونيات و ما رأيناه من قبل قارئ أو قابلناه في مسجد المنطقة الطريف في الأمر أن المُهندس عادل كان يُدافع بغستماتة رهيبة عن مفهوم الهوية الإسلامية و أنه يجب أن ننتخب من سيُطبقوا شرع الله في ارض الوطن بينما كان المُهندس محمد يتحدث عن الأمور التي يجب أن تؤخذ في الإعتبار هي من يستطيع خدمة الوطن و تلبية إحتياجات المُجتمع من تشريعات و قوانين تحفظ للفقير كرامته و تُعطيه حقه.عزيزي عضو التيار النُخبوي توقف قليلاً عن عباراتك الفخمة و مُصطلحاتك الرنانة دع كتاب الأمير لميكافيللي جانبا و تنازل قليلاً عن ثقافتك و اتجه إلى قلب الوطن النابض في الأحياء الشعبية و الارياف و المناطق النائية ثُم عُد مرة أُخرى لتقول لي إنت عامل إيه دلوقتي.  

ليست هناك تعليقات: