الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

الإزدراء


قد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ أننا سنتحدث عن قضية إزدراء الأديان تلك القضية السخيفة التي يحلو للكثير من رجال الإعلام أن يُخرجوها من الأدراج المُغلقة وقتما يأمرهُم الهوى أو وفقاً لحسابات مبيعات صُحفهم و برامجهم التي لا تُسمن و لا تُغني عن جوع و لكننا في هذا المقال البسيطة سنتحدث عن الإزدراء بصفة اعم و بصفة أشمل فأنت عزيزي القارئ مُزدري دون ان تدري.نعم لا تندهش فإن كُنت مُسلم سُني فأنت تزدري كُل من هو ليس على مذهبك بل و قد يكون كُل من هو ليس على نفس مرجعيتك إن كان على نفس مذهبك, و إن كُنت مسيحي فانت تزدري المُسلم و اليهودي و تزدري من هُم على مذاهب مسيحية أُخرى أما لو كُنت مُلحد فأنت تزدري الجميع بلا تفرقة و تزدري الأديان التي يؤمن بها الآخرون من الأساس.حاذر يا عزيزي فهذه المقالة ليست عن إزدراء الأديان فقط بل هي تشمل كُل أنواع الإزدراء فأنت إن كُنت رجُل فأنت تزدري النساء و إذا كُنتي يا عزيزتي فتاة أو سيدة فأنتي غالباً تزدري الرجال أو المُجتمع الذكوري كرد فعل عدائي تجاه نفس الإزدراء الذي يُمارس ضدك بكُل الأشكال و الصور و في كُل الأماكن.إذا كُنت أهلاوي فأنت تزدري جميع الفرق الأُخرى بنفس القدر الذي تزدريك به جميع مُشجعي الفرق الأُخرى و الجنوبي يزدري الشمالي و الساحلي يزدري الفلاحين و الفلاحين يزدروا القاهريين و القاهريين يزدروا كُل من هُم من خارج العاصمة و يُطلقوا عليهم سُكان الأقاليم حتى الأطفال يتعلموا أول خطوات الإزدراء في البيت و في النادي و في المدرسة فيُضيفوا إلى المُجتمع المصري مُزدري جديد كُل يوم.أصحاب المهن المُختلفة بالطبع لهم نصيب وافر من الإزدراء المُتبادل بينهم و يكفي ان تجلس وسط طائفة من الطوائف الحرفية لترى بنفسك كم الإزدراء الوافر الذي يتمتع به أولئك الحرفيين ضد بعضهم أخشى ما أخشاه أن تربُط بين الإزدراء الذي نُمارسه و بين عدم قُدرتنا على إكتشاف عيوبنا و تقييمها و تصحيحها فأنت إذا ربطت هذا الربط قد يتطور بك الأمر و تزدري نفسك كونك مصرياً تعيش في هذا المُجتمع الإزدرائي البحت و تُمارسه ليلاً نهاراً سراً و علانية لا تخشي فيه لومة لائم كما لو كان حقُ اليقين حقاً إنه مُجتمع إزدرائي بحت.حينما نُردد نفس المقولة لفترات طويلة فإننا غالباً نُصدقها ثُم ننتقل من مرحلة التصديق إلى مرحلة الإيمان التام ثُم منها إلى مرحلة الوكيل الحصري و على هذا الأساس نجد اليهود و قد إحتكروا الإضطهاد ضدهم حتى أصبح تُهمة يخشاها الجميع نجد أن هُناك من أحتكر التسامُح و أن هُناك من أحتكر الحق و أن هُناك من أحتكر الحضارة و أن هُناك من أحتكر الحداثة و التقدُم و أن هُناك من أحتكر الكلام بإسم الله و هذا الأخير الأكثر إيلاماً لي.قد ترى الإزدراء شيئ هين و شيئ بسيط حينما تُمارسه و لكنك تراه شيئ عظيم و جُرم كبير و ذنب لا يُغتفر إذا مُورِس ضِدك أنت شخصياً وقتها تشعُر بالإهانة و تنتفخ أوداجك و يتملكك شيطان الغضب الذي يُهول لك من مُصيبة أنه تم إزدرائك من هذا الشخص الذي أنت تزدريه فكيف به يتطاول على ذاتك العالية و سموك الكريم و يزدريك ثُم تأخُذك العِزة بالإثم فتبدأ في تبرير إزدرائك له و لا تتقبل أي أسباب دفعته إلى إزدرائك.عزيزي المُزدري عفواً أقصُد عزيزي المصري توقف قليلاً عن النظر للآخرين من ذلك المكان العالي الذي تقف فيه أهبط عن بُرجك العاجي الهش فهو عاجي صيني من أرخص الأنواع صنعته بأكاذيبك التي طالما رددتها حتى أضحت واقعاً لك بينما هي للأسف لازالت أكاذيب أتفق معك أنها أكاذيب حقيقية و لكنك أنت من صنعت منها حقيقية بكثرة تردديك لها و إيمانك بها – عزيزي المصري توقف قليلاً  عن تمجيدك لنفسك و لعشيرتك و لجماعتك و لفريقك و حزبك و دينك حاول ان تتعلم أن هذا العالم الذي خلقه الله واسع بصورة كافية ليضُمنا جميعاً تحت نفس الشمس نسير و على نفس الأرض نعيش نفس الهواء نتنفس و من نفس التُراب خُلقنا. 

هناك تعليقان (2):

mohamed samy mahmoud يقول...

رائعة ولكنها قصيرة

mohamed samy mahmoud يقول...

رائعة ولكنها قصيرة