الأحد، 23 سبتمبر 2012

حقاً إنها دولة رائعة



بما إن كُل الإخوان شياطين لا يُريدون إلا مصلحتهم الشخصية و السلفيين لا يبحثون إلا عن المُتعة الجنسية في الزواج من القاصرات و يُريدون تعميم ركوب الجمال و تحريم ركوب السيارات و أن يُبعدون عن العلم و القراءة و الحُرية و الليبراليين مُتحررين شواذ - خمورجية - كُفار و العياذ بالله عاوزين يعروا الستات و يهتكوا عرض و حياء البنات و بما أن البرادعي عميل و بالدليل و صباحي طالب سُلطة و مش مُناضل ده عميل و أبو الفتوح إخواني مُستتر و حازم مامته أمريكية طب ما نتصل بشفيق بقى عشان يجيي هوا يُحكم و لا نطلع الأشكال الوسخة اللي في طُرة براءة و نريح دماغنا.

أومال إحنا عملنا ثورة ليه كانت هذه الكلمات من صديق عزيز للغاية عليا خسر تقريباً اللي وراه و اللي قُدامه و أحيانا اللي جنبه في الكام يوم بتوع الثورة و الكام شهر اللي وراهم يمكن هو كان كسلان و كان مُتنطع بس العملية كانت ماشية معاه و سعات كانت بتبقى راكبة هامر أو هليكوبتر أباتشي و كان على طوول جيبه مليان من الفلوس و السجاير و الشيكولاتت الغالية بتاعت سويسرا و كانت عربيته يوم في شرم و يوم في الغردقة و حياته كانت مُستقرة و بدأت الثورة و في الأول مكنش مُقتنع بس كان مُتعاطف مع الصوت العالي و الحماس و الإلتفاف حوالين هدف واحد و مع الوقت بدأ إيمانه بالثورة يضعف شيئاً فشيئاً حتى وصل لتساؤلات أعمق بكتير من اللي فوق.

الراجل ده كان شاب في مُقتبل العُمر بيحب التجارة و كان فاهم أوي فيها قدر إنه يشتغل في ظروف منيلة و كُلنا عارفينها شُغل حُر فتح محل و أتنين و تلاتة لحد ما وصل عدد المحلات اللي هو مشارك فيها إلى حيداشر محل منهم الكبير و منهم الصُغير فلسفته كانت بسيطة و سهلة و جميلة كانت بتقول هامش ربح صُغير مبيعات كتيرة تعمل فلوس و الناس تعيش و إنت تعيش كان بيعمل فكر جديد في مصر فكر قائم على إحترام العميل مش فكر النصب على العميل كان فكره بينحصر في تنمية المُجتمع اللي هو بيعيش فيه عشان يفيد المُجتمع و يستفيد من المُجتمع ربنا كان جعله سبب في إن ناس كتيرة تسترزق و يتفتح بيوتها و تكبر في مجالها.

و بدأت الثورة و صاحبنا عمال بيكابر مش عاوز يسرح العمالة اللي عنده مش عاوز يوقف خطوط الإنتاج المواد الخام عمالة بتغلى الأمن بيضيع المبيعات تقترب من الإختناق و تصل إلى درجات مُتدنية السيولة عمالة بتختفي و هو لازال على عهد إنه يفضل زي ما هو بنفس حياته بنفس حُبه لشُغله بنفس حُبه للناس اللي شغالين معاه اللي كانوا مستغربين و راضيين و ساكتين و إذ فجأة إنهارت تلك المملكة الصغيرة في لمح البصر و خسر صاحبنا كُل ثروته بسهولة تقترب من سهولة تكوينه لتلك الثروة الصغيرة التي لم تتجاوز حد المليون جنيه.

و أصبح صديقي الطيب فقير يتسول تقريباً يبحث عمن يُساعده يتحدث عن مشروع النهضة بحُب و بود و يحلُم بأن السوق سيعود إلى عهده مرة أخُرى و أن التغيير سيأخذ قليلاً من الوقت يتلمس الأخبار من آن إلى آخر و هو جالس في ذلك المقهى البلدي يُتابع الأخبار من على موبيله الأندرويد الفاخر آخر ما تبقى له من أثار النعمة عليه يتسائل عن ماهية الصراع الدائر و عن كيف أصبح الجميع خونة و عُملاء و جُبناء و يبحثون عن مصلحتهم الشخصية كيف استطاعوا أن يحشدوا كُل تلك الجماهير المُتجمهرة و كُل تلك الحشود المُحتدشة ليصنعوا تلك الثورة التي لم يكرهها يوماً بقدر ما كرهته هي.

توقف صديقي عن الأسئلة و هو يبحث عن بديل لدواء لطفلته الصغيرة لأن الدواء المطلوب سعره مُرتفع و تذكر و هو واقف في مكانه أنه لازال ينتظر أن تعود الأيام أفضل من ذي قبل و عند مُغادرته الصيدالية نسي حاجة على الكونتر محدش خد باله منها حتى الصيدلي و الراجل اللي واقف جنبه مخدوش بالهم أن صديقي نسي التفاؤل و الأمل اللي كان عايش بيهم.

ليست هناك تعليقات: