الاثنين، 9 يوليو 2012

صباح رمادي

حينما يأتي الصباح صامت تصرخ الشمس في غيومه أن تتبدد فتأبى و تتمنع تشتاق العيون إلى النور تلتمس الدفء في تلك الأنفاس البسيطة تبتسم وحدها تلك الشفاه الصغيرة تضحك عيونها البريئة تتأمل هذا الهدوء و تلتمس قليل من الصخب فيما يُحيطها هُنا كان أبي يحملني ضاحكاً مُداعباً و هُنا كانت أُمي تصنع في صمت طعام الإفطار و تتأملني باسمة تُنادي عليا فأتمنع رحل الجميع و أصبحت أستيقظ وحيدة.

أُحاول في جد أن أبحث عن شيئ يُليهني عقلي الصغير لا يتذكر تلك الإجراءات بالغة التعقيد التي يجب عليا ان أقوم بها كي أستطيع مُتابعة قناتي المُفضلة و الرقص و الغناء مع أطفالها على أنغام تلك الأغاني الطفولية المرحة متى سأكبر لأشتاق لتلك الأيام تدور عيناي الواسعة في أرجاء طُرقات المنزل مُتسائلة هُنا كان أبي هُنا كانت أُمي رحل الجميع و أصبحت أستيقظ وحيدة يُهاتفُني صديقي الحبيب أنا أستطيع أن أرُد على الهاتف قد علمني أبي و صديقي مُنذ زمن طويل أن أتحدث في الهاتف و أستمع إلى من يُهاتفني لأرسم تلك البسمة الساحرة و أرى في عيونهم نظرات الإعجاب و التشجيع كان الأمرُ جيد و جميل كان الأمرُ رائع و لكن الآن أنا وحيدة أطلُب منه أن يأتي ليؤنس وحدتي و لكنه يرُد عليا بصوت مُتهدج أنه سيأتي بعد أن ينتهي من العمل.

صديقي الحبيب أتذكر يوم أن إنفصل عنا و رحل من بيتنا إلى ذلك البيت العتيق ذهبت إليه فوجدته مشغول لا يُلاعبني أنا وحدي كما كان من قبل و حينما حان الميعاد بكيتُ بشدة كُنت أُريده أن يكون لي كما كان دائماً كُنت أفتقد حُضنه الدافئء و لعبه المُمتع و مِزاحه الرائع كُنا حقاً نقضي أوقات جميلة سوياً كُنا نذهب لنتمشي بخطواتي الصغيرة البسيطة كُنت أراه سعيداً بأفعالي الطفولية و كُنت أنا أكثرُ سعادة و الآن قدر رحل الجميع و أصبحت أنا وحيدة أمسح عن عيوني بقايا ذلك النوم الطويل فأنا طفلة تنام الكثير من الوقت فقد أخبرني صديقي الحبيب أنا النوم لي مُفيد.

كُنت أنام بجواره يوم و أنام بجواري أبي أغلب الأيام كان أبي يُضحكني كثيراً و كان يقُص لي قصص مُضحكة و كُنت أتذكرها في الصباح فأسأله عنها و هو جالسيقرأ جريدته و يضع نظارته السميكة فوق عيناه فأجذبها منه و أنتظر فلا ينفعل و لا يغضب فقط يضحك و يُدغدغني حتى أتخلى عنها فيلتقطها في حرص و يُنادي على أُمي أن تأتي لتعتني بي أو لتأتي له بكوب من الشاي ثُم يفرُغ منه لي فنلهو سوياً حتى يعود صديقي لنخرُج أو لنمضي الوقت أمام ذلك الجهاز العجيب الذي أدركت أسمه لاحقاً لقد أهداني جهازه القديم و لكني لا أُدرك كيف أستعمله كم هي مُعقدة تلك الحياة و كُل تلك الأجهزة و الآن أنا وحيدة و قد رحل الجميع.

سأُتابع بشغف الشمس و هي تصرخ في تلك الغيوم سأُتابع جيوش النور و هي تقتحم حصون الظلام سأرسم صورة أبطال النور بقلمي الصغير و بيداي البسيطة على تلك الورقة التي نسيتها أُمي هُنا و سأتذكر أني كُنت يوماً حولي الكثير و الآن أصبحت وحيدة

ليست هناك تعليقات: