الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

مريم - القديسين أم العذراء بالوراق

يُقال في أحد التويتات " مريم 12 سنة - 13 رصاصة" بمعنى أن صاحبة الأثنى عشر ربيعاً قد أستقر في جسدها ثلاثة عشر رُصاصة لم يستغرق الأمر كثيراً من الوقت أو كثيراً من المجهود ليتم قتل طفلة و ثلاثة ضحايا آخرين و عدد كبير من المُصابين في حادث أصبح مُتكرر بشكل مُثير للدهشة مُثير للإستفزاز مُثير للتعجب حتى أن أحد الأقباط غرد قائلاً "هو كله كنايس كنايس هو مفيش كباريهات بتتحرق - فيه كفرة كتير غيرنا" ساخراً هو بنوع من الكوميديا السوداء التي تدعوك إلى البُكاء أكثر من أن تدعوك للإبتسام حتى.

ماذا كان المطلوب من هذا العمل الإجرامي الإرهابي المُتعفن - هل كان مُجرد قتل مريم أستوقفني سؤال هام عن أي مريم تتحدث عن طفلة الوراق أم عن جميلة الأسكندرية التي رحلت في حادث مُشابه أكثر دموية و هو حادث كنيسة القديسين بالأسكندرية.

كتب أحدهم مُعلقاً على صفحته بالفيسبوك الحمد لله أن اللي ماتوا كُلهم مسيحين مُعقباً أستبدل كلمة مسيحين بإخوان أو بخرفان لتجد أن العبارة تصلُح أيضاً - الأسوء كان الخبر الذي كتبته جريدة الأهرام و تقول فيه أن الفريق السيسي يتقدم بخالص تعازيه للأخوة الأقباط بينما كان يتقدم للشعب المصري بالتهنئة في عيد الأضحى الأمر الذي يجعل التساؤل هام للغاية هل الأقباط شيئما مُنفصلين عن الهوية المصرية لماذا لا يُقدم تعازيه للمصريين جميعاً في هذا الحادث الأجرامي لماذا لا يُقدم تعازيه للمُسلمين في أي حادث إجرامي يحدث لهم بالمثل - و لماذا يُهنئى الشعب المصري بالعيد الأضحى و هل كُل المصريين مُسلمين أم أن السيسي من أنصار الهوية الإسلامية لمصر.

لا يُدرك أحد على أرض هذا الوطن أنه لا تعارُض على الإطلاق بين الوطنية و الدين فهذا شيئ و هذا شيئ فأنت لا تستطيع أن تُقارن بين فريق كرة قدم و فريق كُرة يد و بالتحديد أن لا تستطيع أن تُحب الحذاء أكثر من نظارتك الطبية - قد تُفضل حذاء عن آخر قد ترتاح في نظارتك الطبية عن أستخدام العدسات اللاصقة و لكن كيف ترتاح لحذاءك أكثر من نظارتك الطبية.

و لكن لا تتعجب فأنت في مصر حيث الوطنية هي محطة وقود و الدين هو جلباب و نقاب و إذا أردت أن تتعمق أكثر فقد تصل إلى أنك أطلق لحيتك و أفعل ما شئت.

بعد كُل حادث مُماثل أجد نفسي بحاجة إلى الدفاع و ترديد نفس العبارات المُبتذلة سابقاً أن الدين الإسلامي بريئ من كُل هذه الأفعال و أن من قام بهذه الأفعال لا يمُت للدين بصلة و بعد دقائق ستغرق الجرائد و صفحات الفيسبوك و أفاتار التويتر بصور لا نهاية و لا حصر لها لهلال يُعانق صليب أو لمئذنة بجوار بُرج كنيسة أو شيخ يحتضن قسيس و بعض من الزيارات و الندوات و اللقاءات و في النهاية يضيع دم أي من مريم الوراق أو مريم الأسكندرية.

هاتفني صديقي القبطي قائلاً و مُحتداً كعادته و إلى متى يستمر هذا الإرهاب والترويع - إلى متى تستمر هذه الكراهية؟ - هذا السؤال الخاص بالكراهية بالتحديد هو السؤال الأهم فدعونا نتفق على أنه لا يوجد ما في الدين الإسلامي أو المسيحي ما يُطالب أتباعه بقتل المُسالمين من غير أتباعه بل أنه يوجد في الدين الإسلامي ما يُعرف بقواعد يجب على المُسلم إتباعها أثناء خوضه حرب ضد من يُناصبونه العداء فلا يقتُل شيخ أو إمراءة أو طفل و لا يقطع أو يحرق أشجارأو يُدمر قُرى لكن هل يوجد كراهية و عداء بالطبع يوجد و نحنُ بحاجة إلى أن نُعالج هذه المُشكلة و لكن هذا ليس هو موضوع هذه المقالة.

الأمر الأهم الآن هو كيفية تحديد المسئولين عن تلك الجريمة و تقديمهم للعدالة بأسرع وقت مُمكن حتى يرى الجميع أنه يوجد قانون في هذه البلاد و أنك لا تستطيع أن تفلت بجرائمك بلا عقاب, و على الداخلية أن تقوم بمسئوليتها ناحية تأمين الكنائس و المُحافظة على حقوق الملايين من الأقباط في مُمارسة شعائرهم الدينية كما يحلو لهم.

أين كانت الداخلية هذا السؤال يطرح نفسه بعُنف شديد و يُثير الريبة و الشكوك فإذا كانت البلد في حالة حرب على الإرهاب فهاهو الإرهاب لماذا لا تُحاربونه أم أن الإرهاب المقصود هو مُجرد بعض صبية من الأولتراس أو الطلبة يقوموا بمُظاهرات غاضبة فتنقض عليهم الداخلية لتقتل من تقتل و تُصيب من تُصيب الأمر الغريب هو ما أشار إليه أحدهم على صفحته على الفيسبوك قائلاً "كان فيه بنات بيطيروا بلالين عليها شعار رابعة و تم تفجير مبنى المُخابرات الحربية في الإسماعيلية - قالوا طب قبضتوا على اللي فجروا مبنى المُخابرات قالوا لأ قبضنا على البنات و معاهم البلالين"

بدون حماية من مُحترفين و مُدربين جيداً على الحماية للكنائس ستستمر هذه الحالات الإجرامية و لن تنتهي أياً كانت الدوافع و الأمراض و حالات الكراهية الموجودة إلى الجُناة و لكن الحل لن يكون بمزيد من الصور و المزيد من الندوات و المزيد من اللقاءات الصحفية الحل أمني بحت يجب على الداخلية أن تقوم بمسئوليتها و تقوم بتأمين كُل المصريين و غير المصريين  في كُل مكان  على أرض تلك الدولة.

عزيزي المسيحي المُسلم الحق لم يكُن عدوك أعلم بصدق أنك تتعجب من تلك الكلمات و أنت ترى البعض تفوح الكراهية من أفواههم تراها في تلك الكلمات البغيضة و التلميحات السخيفة التي أصبحت أنا و أصدقائي الأقباط نتندر عليها أصلاً لكن المُسلم الحق لا يحق له دينياً أن يؤذيك أنت أو غيرك العدو الحقيقي لنا سوياً هو عدم المبالاة بأرواحنا من المسئولين و من الداخلية - الجهل - التخلف - الفقر - المرض.

عزيزي المسيحي تذكر دائماً أن حُسني مُبارك كان مُسلم و أن بُطرس غالي كان مسيحي إذا تذكرت هذا فستُدرك جيداً أن الدين لا علاقة له بتصرفات الأشخاص و أن الخطأ ليس في الدين بل هو في الشخص الذي يقوم بالخطأ نفسه.