الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

الإزدراء


قد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ أننا سنتحدث عن قضية إزدراء الأديان تلك القضية السخيفة التي يحلو للكثير من رجال الإعلام أن يُخرجوها من الأدراج المُغلقة وقتما يأمرهُم الهوى أو وفقاً لحسابات مبيعات صُحفهم و برامجهم التي لا تُسمن و لا تُغني عن جوع و لكننا في هذا المقال البسيطة سنتحدث عن الإزدراء بصفة اعم و بصفة أشمل فأنت عزيزي القارئ مُزدري دون ان تدري.نعم لا تندهش فإن كُنت مُسلم سُني فأنت تزدري كُل من هو ليس على مذهبك بل و قد يكون كُل من هو ليس على نفس مرجعيتك إن كان على نفس مذهبك, و إن كُنت مسيحي فانت تزدري المُسلم و اليهودي و تزدري من هُم على مذاهب مسيحية أُخرى أما لو كُنت مُلحد فأنت تزدري الجميع بلا تفرقة و تزدري الأديان التي يؤمن بها الآخرون من الأساس.حاذر يا عزيزي فهذه المقالة ليست عن إزدراء الأديان فقط بل هي تشمل كُل أنواع الإزدراء فأنت إن كُنت رجُل فأنت تزدري النساء و إذا كُنتي يا عزيزتي فتاة أو سيدة فأنتي غالباً تزدري الرجال أو المُجتمع الذكوري كرد فعل عدائي تجاه نفس الإزدراء الذي يُمارس ضدك بكُل الأشكال و الصور و في كُل الأماكن.إذا كُنت أهلاوي فأنت تزدري جميع الفرق الأُخرى بنفس القدر الذي تزدريك به جميع مُشجعي الفرق الأُخرى و الجنوبي يزدري الشمالي و الساحلي يزدري الفلاحين و الفلاحين يزدروا القاهريين و القاهريين يزدروا كُل من هُم من خارج العاصمة و يُطلقوا عليهم سُكان الأقاليم حتى الأطفال يتعلموا أول خطوات الإزدراء في البيت و في النادي و في المدرسة فيُضيفوا إلى المُجتمع المصري مُزدري جديد كُل يوم.أصحاب المهن المُختلفة بالطبع لهم نصيب وافر من الإزدراء المُتبادل بينهم و يكفي ان تجلس وسط طائفة من الطوائف الحرفية لترى بنفسك كم الإزدراء الوافر الذي يتمتع به أولئك الحرفيين ضد بعضهم أخشى ما أخشاه أن تربُط بين الإزدراء الذي نُمارسه و بين عدم قُدرتنا على إكتشاف عيوبنا و تقييمها و تصحيحها فأنت إذا ربطت هذا الربط قد يتطور بك الأمر و تزدري نفسك كونك مصرياً تعيش في هذا المُجتمع الإزدرائي البحت و تُمارسه ليلاً نهاراً سراً و علانية لا تخشي فيه لومة لائم كما لو كان حقُ اليقين حقاً إنه مُجتمع إزدرائي بحت.حينما نُردد نفس المقولة لفترات طويلة فإننا غالباً نُصدقها ثُم ننتقل من مرحلة التصديق إلى مرحلة الإيمان التام ثُم منها إلى مرحلة الوكيل الحصري و على هذا الأساس نجد اليهود و قد إحتكروا الإضطهاد ضدهم حتى أصبح تُهمة يخشاها الجميع نجد أن هُناك من أحتكر التسامُح و أن هُناك من أحتكر الحق و أن هُناك من أحتكر الحضارة و أن هُناك من أحتكر الحداثة و التقدُم و أن هُناك من أحتكر الكلام بإسم الله و هذا الأخير الأكثر إيلاماً لي.قد ترى الإزدراء شيئ هين و شيئ بسيط حينما تُمارسه و لكنك تراه شيئ عظيم و جُرم كبير و ذنب لا يُغتفر إذا مُورِس ضِدك أنت شخصياً وقتها تشعُر بالإهانة و تنتفخ أوداجك و يتملكك شيطان الغضب الذي يُهول لك من مُصيبة أنه تم إزدرائك من هذا الشخص الذي أنت تزدريه فكيف به يتطاول على ذاتك العالية و سموك الكريم و يزدريك ثُم تأخُذك العِزة بالإثم فتبدأ في تبرير إزدرائك له و لا تتقبل أي أسباب دفعته إلى إزدرائك.عزيزي المُزدري عفواً أقصُد عزيزي المصري توقف قليلاً عن النظر للآخرين من ذلك المكان العالي الذي تقف فيه أهبط عن بُرجك العاجي الهش فهو عاجي صيني من أرخص الأنواع صنعته بأكاذيبك التي طالما رددتها حتى أضحت واقعاً لك بينما هي للأسف لازالت أكاذيب أتفق معك أنها أكاذيب حقيقية و لكنك أنت من صنعت منها حقيقية بكثرة تردديك لها و إيمانك بها – عزيزي المصري توقف قليلاً  عن تمجيدك لنفسك و لعشيرتك و لجماعتك و لفريقك و حزبك و دينك حاول ان تتعلم أن هذا العالم الذي خلقه الله واسع بصورة كافية ليضُمنا جميعاً تحت نفس الشمس نسير و على نفس الأرض نعيش نفس الهواء نتنفس و من نفس التُراب خُلقنا. 

العلاقة بين السياسة المصرية و كُرة القدم.


الساحرة المُستديرة كما يحلو للبعض إطلاق هذا الوصف عليها يبدو أن تأثيرها في كيان الشعب المصري أقوي و أكبر و أعمق مما نتخيل و يبدو أن الإنتماء الكروي و التعصب الشديد له قد أفرز مُتعصبين في كُل المجالات الأُخرى دون أن ندري هذا المُتعصب لا يرى لا يسمع لا يتكلم إلا بما يراه في فريقه الذي يُشجعه في حِزبه السياسي إن كان مُنضماً لحزب في أيدولوجيته أياً كانت هذا المُتعصب قد يكون أنا قد يكون أنت قد يكون كُل شخص في أرض الوطن العزيزة.قالها مُنذ زمن الرائع الراحل الساخر برنارد شو "كُل شيئ كان مُمكن أن يتم بصورة أفضل طالما قام به غيري" في إشارة واضحة إلا أن النفس البشرية بطبيعتها لا ترى الأفضل في الآخر بل تراه في نفسها فقط و مع ذلك فقد تخلص العالم الغربي و الأوربيين بشكل واضح من تلك الشوفيينة المُفرطة و بدأ ينظُر للجنس البشري على إختلافاته المُتعددة على أنه قوى مُضافة لا قوة مُضادة فلم يعُد الألمان مهوسون بتأكيد تفوق الجنس الآري و لم يعُد الإنجليز مشغولون بنقاء التركيبة السُكنية في لندن التي غالباُ لن تجد فيها إنجليزي الأصل بسهولة فقد اكتسحها العرب و الهنود و الباكستنين و عن فرنسا فحدث و لا حرج عن تعدد الثقافات و الأصول هُناك.إلا إننا في مصر لم نتخلص بعد من تلك الأزمة التي نراها في كُل مجال و في كُل مكان كُل شخص يرى نفسه هو الأنقى هو الأطهر هو الأفضل هو وحده المعصوم من الخطأ هو وحده الذي يجب أن يتكلم و يستمع له الآخرون – ليس غريب على المصريين أيضاً إيمانهم بالقيمة الفردية دون قيمة العمل الجماعي أو العمل المؤسسي و دائماً ما ينتظر المصري من شخص أن يكون المُلهم القائد الحكيم الذي يجب أن يسيروا ورائه الأمر الذي يُفسر لنا ظاهرة عبد الناصر و مُريديه التي لازالت مُستمرة حتى الآن و كما هو الحال عند السلفيين أتباع شيوخ بعينهم فهم يرفعونهم مكاناً عالياً و لا يستمعون لآخر غيرهم.إذا كُنت مُشجع أهلاوي فأنت غالباً سترى أبو تريكة أحد أفضل من أنجتهم الملاعب المصرية و لك الحق في ذلك و لكنك لن ترى على الإطلاق أن شيكابالا هو أحد أكثر اللاعبين المصريين مهارة و سُرعة من الثبات و تصويبات صاروخية ناعمة و العكس تماماً إذا كُنت زملكاوي فأنت لن ترى أن أبو تريكة قائد جيد للملعب و أنه يتميز بالقُدرة على صُنع ألعاب لزُملائه غالباً ما تنتهي بأهداف.قد يكون ما يحدُث مقبولاً في كُرة القدم أما على الوجه الآخر و هو الوجه السياسي فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق يُهدد وحدة الوطن و سلامته و ستسأل نفسك غالباً كيف؟ سأقول لك حينما تُتابع شراسة الإنتخابات الأمريكية و هي قد أقتربت بالفعل ستتوقع أنه فور نهاية تلك الإنتخابات ستندلع الحرب الأهلية في الولايات المُتحدة مرة أُخرى بل بالتحديد نتذكر المعركة الإنتخابية بين آل جور و جورج بوش و التي يُقال أن بوش حسم المعركة الإنتخابية نتيجة خطأ في إحصاء الأصوات بولاية فلوريدا إلا أن الأمر مر بسلام و دائماً ما يمُر بسلام لأن هُناك النظام ينتصر و ما أن يصبح المُرشح رئيساً حتى يتلف الجميع من حوله و مُساعدته لا رغبة في نجاحه و تفوقه بقدر ما هو رغبة بدفع الوطن إلى الأمام و الحفاظ على مكانته كأقوى دولة في العالم.بعد أن إنتهت الإنتخابات المصرية بفوز مُرسي بفارق ضئيل رأيت مقالات و صفحات على الفيسبوك تتحدث عن انه يجب أن يُدرك أنه ليس رئيس كُل المصريين و أنه فاز بفارق ضئيل و صفحات من نوعية مُرسي مش رئيسي و كلام كثير من أشخاص يدعون أنهم النُخبة التي تُنادي بالليبرالية و الديمُقراطية و قيم الحُرية و المساواة و تفعيل دولة المؤسسات الأمر الذي وضعني في مأزق شديد فأنا اعتبر نفسي ممن يُنادون بالقيم الليبرالية المُتحررة من التعصُب و الشوفيينة فكيف بهؤلاء الناس يُطالبون بديمُقراطية إنتقائية تقتصر فقط على النُخبة التي لا أدري ما هي أُسس الإنضمام لها أو على أي أساس نعتبر هذا من النُخبة و هذا من الرُعاع كان الأمر حقاً مُحير و وقتها أدركت أن هُناك من لم يستطع أن يتقبل أن يكون هُناك رئيس مُختلف عن أيدولوجيته و عن حزبه و عن جماعته و دون التطرُق لموضوع أن الأختيار الآخر كان كارثي إلى حد بعيد و هو الفريق شفيق قاتلاً و مقتولاً مُحترماً القضاء و هارباً منه في نفس الوقت.سيأتي ذلك الوقت على كُل سياسي و سيكون عليه الأختيار بين مصلحة الوطن و مصلحته الحزبية لا أتذكر بالتحديد من قائل هذه العبارة الساحرة البديعة و لكنها واقعية إلى حد بعيد و يجب أن تكون ميثاق الشرف لكُل من يعمل بالحقل السياسي بأن تكون مصلحة الوطن أولاً و أخيراً في كُل إتجاهاته و حركاته و لكن للأسف ليس الأمر بهذه الصورة عند كُل السياسيين المصرين فهُم لازالوا مُتأثرين بنظرية الأهلي و الزمالك.يبقى حديث هام للغاية يحتاج إلى كثير من الشرح و الإسهاب و هو لماذا قامت الثورة المصرية؟ سنرى إجابة مُتوقعة و هي قامت من أجل إرساء قيم الحُرية و العدالة الإجتماعية و المُساواة و الديمُقراطية  و القضاء على الفساد و إعادة كرامة المصري المُهدرة و ما إلى ذلك و يأتي السؤال الثاني و هل نجحت الثورة المصرية في تحقيق أي من أهدافها أعتقد أن الإجابة ستكون بلا و يرجع هذا إلا أن الجميع يُريد أن يجلس على كُرسي قائد السيارة و لا أحد يرضى بأي دور بديل لأننا من داخلنا مُقتنعين بأننا الأفضل على الإطلاق بينما نحُن ....... على الإطلاق أيضاً.  

الديمقراطية المصرية


هُناك إختلاط كبير في المفاهيم السياسية على الساحة المصرية فعلى الرغم من إنشغال أغلب أفراد الشعب المصري بالسياسة مؤخراً إلا إنك ستجد إختلاط رهيب في المفاهيم و المعايير السياسية فحتى يومنا هذا ما أن تتحدث إلى أحد الخُبراء السياسين الجُدد عن جماعات الضغط و عن الكُتل التصويتة و عن اليمين المُحافظ و اليسار المُتحرر و عن تيارات الوسط الناعمة و عن أهمية المبدا الميكافيللي للدولة لا للحزب أو حتى لو تحدثت من مُصطلحات سياسية من نوعية ثيوقراطية و عسكرية و مدنية ستجد الخبير الواقف أمامك فاغراً فاه أو مؤلفاً أي ردود توحي بأنه لا يعرف أي شيئ في أي شيئ.إنها حقاً الثورة التي تسببت في أن الجميع يتحدث عن السياسة الأمر الذي لا يُثير الدهشة حينما ترى مُقدمي برامج الدعارة الرياضية و هُم يتحدثوا عن السياسية كما لو كانوا دكتورة هبة رؤوف أو مُعتز بالله عبد الفتاح فما بالك برجُل الشارع العادي الذي يعشق الفتي و إبداء الأراء.و لكن مع كُل هذا الإنفتاح السياسي و الشغف الرهيب بالسياسة الذي أصبح يُسيطر على جميع أفراد و طوائف الشعب المصري إلا أنك لا تملُك إلا ان تتعجب من أداء التيار النخبوي ودعونا في بداية الأمر نُحدد ما هو التيار النُخبوي هو ذلك التيار الذي يظهر في شاشات الفضائيات ليلاً نهاراً و جهاراً كمان ليملأ أدمغتنا بالكثير من الكلام و التنظير و التوصيف بدون وجود أي أفعال تتسق مع هذه البيانات و التصريحات و مع أن هذا التيار النُخبوي كان من المُفترض أن يضم المُثقفين و المُثقفات المُشتغلين بالأمور السياسية و ضالعين في علومها و ألاعيبها إلا إننا لا نرى مِنهم إلا قِلة تظهر على أستحياء و لا تُجيد توجيه الرأي العام بالشكل الذي تستطيعه بعض الأطراف الموجودة على الساحة و هُم من يستطيعون أن يُداعبوا عاطفة المصريين ذات الهوس الديني.الديمُقراطية لا تعني حُكم الأصلح و لكنها تعني حُكم الأكثرية للأسف مفهوم غائب عن الكثير من النُخبة إلا ما رحم ربي هذا المفهوم بحاجة إلى أن يتم تفعيله بصورة أو بأُخرى فالناخب البسيط أو الكُتل التصويتة الموجودة بقوة في المُحافظات و بأستثناء أصحاب الأيدولوجيات المُختلفة بحاجة إلى من يتحدث لُغتهم بحاجة إلى من يتحدث معهم و عنهُم بحاجة إلى من يمس الأحتياجات الحياتية لهُم و بمعنى أوضح الناخب و الكُتل التصويتة المُختلفة لن تنبهر بحديث عمرو حمزاوي مع مُعتزبالله عبد الفتاح عن أي الأنظمة السياسية أصلح للفترة القادمة و غالباً لن يُدركوا الفرق بين النظام البرلماني و النظام الرئاسي و لكنهم سينبهروا حينما يروا من يقترب منهم ببعض من الأحتيجات العينية التي لا يجدوها من مأكل و ملبس و مشرب يحتاجون أن يستمعوا عن من انشأ مدرسة أو مُستشفى خيرية أو يقوم بعمل أي مشروع يلتف حوله أبناء المنطقة في الأعياد أو في المُناسبات المُختلفة.يبدو ان النُخبة بحاجة لأن تُدرك أن العمل المُجتمعي المُكثف هو الطريق السليم للوجود بين رجُل الشارع أن الحديث بإستمرار مع طوائف الشعب المُختلفة و الإستماع لهم و لمشاكلهم و الأقتراب من حياتهم هو السبيل الأفضل عن الجلوس أمام مُذيعة حسناء أو مُذيع وسيم لبق الكلام يرتدي بدلة انيقة سعرها يتجاوز مُرتب سنة لأحد أبناء المناطق الشعبية ذات الكثافة السُكنية العالية.الأمر الذي لا يخلو من الطرافة على الإطلاق و يُثير حاسة السُخرية لدى المصريين حينما يبدو المُذيع و هو يسأل أحد معدومي لا محدودي الدخل عن أي حزب ينتمي إليه حزب الحُرية و العدالة أم حزب الدستور فيرُد عليه المواطن قائلاً انا حسبي الله و نعم الوكيل.لا أدري لماذا ترتسم على شفتي إبتسامة ساخرة عريضة و أنا عمرو حمزاوي يستخدم الألفاظ الرنانة المُعتادة له أو أحد تويتات البوب التي تُحرك بداخلي أنا مشاعر جمة و لكني لا أعتقد على الإطلاق ان عم أحمد البواب و أُم هُدى مراته هيتفهموا أي من تلك الأمور مع أنهم كُتلة تصويتة رائعة تتكون من 5 أفراد يعيشون جميعاً في غُرفة واحدة.أصحاب التيار السياسي الإسلامي أدركوا تلك اللُعبة مُبكراً و بدأوا بالهجوم على المُختلفين بطريقة مُنظمة و إن كُنت أنت أو انا نتسائل عن ماهية العقول التي تستمع لكلام خالد عبد الله و أتباعه المُنطلقين في الفضائيات الدينية فلا تقلق هُم أعداد تتعدى الملايين فاصحاب هذا التيار يُخاطبوا العاطفة الأسمى لدى المصريين عاطفة الدين و هُناك قطاع عريض من المصريين يُدرك أن الدُنيا أو الحياة المُرهفة بالنسبة له حُلم بعيد المُنال لذا فهو يبحث عن آخرته أضف إلى ذلك قطاع عريض من الشباب الذي يشعُر بأنه أستطاع أن يُرضي ضميره الديني بإنتخاب التيارات السياسية الإسلامية على اساس إنهم ناس بتوع ربنا بينما هو غارق في الهلس المُحرم بكُل انواعه.و يذكُرني في هذه النُقطة قصة ظريفة حدثت إبان الإنتخابات البرلمانية السابقة فقد ذهبت إلى المقهى لأجد نقاش سياسي حاد بين اثنين في قمة التناقض – مُهندس محمد و هو شخص مُحترم و مُثقف و مُطلع يعشق القراءة و التدبُر في كلام الله و أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام يُمارس عبادة التأمُل بطريقة روحانية جميلة و المُهندس عادل و هو مُهندس كمبيوتر حياته كُلها في الملذات و الشهونيات و ما رأيناه من قبل قارئ أو قابلناه في مسجد المنطقة الطريف في الأمر أن المُهندس عادل كان يُدافع بغستماتة رهيبة عن مفهوم الهوية الإسلامية و أنه يجب أن ننتخب من سيُطبقوا شرع الله في ارض الوطن بينما كان المُهندس محمد يتحدث عن الأمور التي يجب أن تؤخذ في الإعتبار هي من يستطيع خدمة الوطن و تلبية إحتياجات المُجتمع من تشريعات و قوانين تحفظ للفقير كرامته و تُعطيه حقه.عزيزي عضو التيار النُخبوي توقف قليلاً عن عباراتك الفخمة و مُصطلحاتك الرنانة دع كتاب الأمير لميكافيللي جانبا و تنازل قليلاً عن ثقافتك و اتجه إلى قلب الوطن النابض في الأحياء الشعبية و الارياف و المناطق النائية ثُم عُد مرة أُخرى لتقول لي إنت عامل إيه دلوقتي.  

ساندي تُقدم رقصتها القبل الأخيرة


إعصار هائل يضرب سواحل نيوريوك المدينة الأمريكية التي يعرفها الكثير منا فهي تُعتبر العاصمة التُجارية للولايات المُتحدة الأمريكية الكثير منا كمصريين و كعرب قد واتته الفُرصة و أصبح زائر لها أو مُقيم بها أو على الأقل مثلي يحلُم بأن يكون أحد مواطنيها – نعم هُناك الكثير منا يحلُم أن ينتمي إلى هذا العالم الذي يحترم قيمة الإنسان و يُقدره إلى هذا العالم الذي يحتوي الجميع و لا يُفرق بين شخص و آخر لا على أساس ديني و لا عرقي و لا حتى على أساس رائحة ملابسه أو شكلها أو هيئته أنت إنسان لك كُل الحقوق و عليك كُل الواجبات.            الإعصار الكاسح لم ينقض عليهم إذ فجأة كما نعتقد بل ضرب العديد من المناطق قبل أن ينتقل إلى أمريكا حصيلة الضحايا حتى هذا اليوم هي 44 قتيل على ما أعتقد مع العديد من المفقودين و العديد من الأستثمارات الضائعة و الخسائر المادية الكبيرة التي غالباً ستتولى الحكومة الأمريكية و شركات التأمين تعويض المُضارين من هذه الكارثة الطبيعية كُل هذا و المزيد من التحليلات ستأتي تباعاً تُقدم و تُحلل و تُجبر الجميع على الإحترام لتلك المقدرة السياسية على قيادة الأزمة و كيفية إحتواء آثارها و التخفيف منها إلى حد كبير – الكُل يعمل يا عزيزي من أجل الفرد و الفرد يعمل من أجل الكُل بهذه العبارة المُستوحاة من أبطال الفُرسان الثلاثة أرى المُجتمع الأمريكي الناضج يتعامل مع أزمته بقدر وافر من الحرفية في الأداء و الإنسانية أيضاً في التعامل و لن تمُر أيام كثيرة حتى نرى فيلم أو لقطات حية لمُحاولات إنقاذ لقطة أو كلب أو إنسان لا فرق هُنا بين كُل الكائنات الحية في ذلك الوقت.            و بصفتي لستُ خبيراً في الأعاصير و الكوارث الطبيعية فلن أتكلم عن هذا الإعصار ذو الإسم الناعم إلى حد كبير و مع أني حاصل على دورات عديدة و شهادات من مُنظمة العمل الأمريكية نفسها في التعامل مع الأزمات و الكواراث إلا أنني لن أتحدث أيضاً عن ذلك الأمر فهُناك من هُم أجدر مني ملايين المرات على الحديث عن هذا الأمر فما درسته شيئ و ما تم و يتم شيئ آخر غلى حد كبير فالجلوس في القاعات المُكيفة و الإستماع إلى المُحاضر ذو الأنجليزية الأمريكية المرحة لا يتساوى على الإطلاق على الوقوف بين أنقاض هذا الجحيم العابر أنا فقط سأتحدث عن مردود هذا الإعصار على صفحات الفيسبوك و التوتير و سُخرية المصريين و تعليقاتهم المرحة التي قد تُصيب أي إنسان عاقل بسكتة قلبية حينما يرى كم الإستهزاء بالأرواح و هونها على هذا الشعب لا أقول الجميع و لكن الغالب منه.            الأمر الذي أثار حفيظتي في بدايته و تعجبت منه كثيراً هو وجود بعض من ذوي التوجه الإسلامي الذين يعتقدون أن ما حدث في أمريكا هو ضربة الرب التي تسحق كُل من يتأمر على أورشليم عفواً على المُسلمين و على الرغم أن من بين الضحايا يوجد مُسلمين أيضاً إلا إن هذا لم يمنع بعض أولئك الغاضبون من أن يشمتوا في أمريكا الشيطان الأكبر بل قد وصل الأمر بالبعض أن يقول أن أمريكا ألقت جُثة بن لادن في البحر فجاء الله لهم بالبحر في عُقر دارهم و أغرقهم كما أغرقوا الشهيد المُبجل أسد الله بن لادن – لا أدري عن أي شهيد يتحدثون و هو رجُل صناعة أمريكية بحتة أيام الغزو السوفيتي لأفغانستان أو ما يُعرف بالقلم الأمريكي للسوفييت رداً على القلم السوفييتي لأمريكا في فيتنام بل إنه أستمر بعد ذلك في لعب دور هام ألا و هو المُبرر في الحرب على بلاد المُسلمين و العرب لفترات طويلة بحُجة مُقاومة الإرهاب هذا الشيخ الذي يروع الآمنين و يُمارس أعمال تتنافى مع الإسلام و مع فقه الحروب الإسلامية أصبح شهيداً و ينتقم له الرب أيضاً على الرغم من أن المساحة الزمنية بين موته و بين إنتقام الله تبدو بعيدة إلى حد ما.            و مرة أُخرى على الرغم من عدم وجاهة هذا السبب إلا إنهم قالوا أن هذا الإعصار بسبب أن الحكومة الأمريكية رفضت أن ترفع الفيلم المُسيئ للرسول عليه الصلاةُ و أفضل السلام من على اليوتيوب  لهذا جاء إنتقام الله منهم في عُقر دارهم و على الرغم من عدم وجود معلومات كافية تؤكد ان مُصنعي الفيلم بين الضحايا أو أن مقر شركة جوجل و يوتيوب من بين المواقع المُصابة إذا كان أصلاً في نيويورك إلا أن هذه المعلومة إنتشرت و أخذت وضعها على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بكثافة و للأسف لا أستطيع أن أُحدد بقُدراتي العقلية المُتواضعة من يُسيئ إلى النبي أكثر مُصنعي فيلم هابط لنا الفضل في نشر إعلاناته و الترويج له أم الشيخ الذي صرح بأن النبي الكريم الذي كان خُلقه القُرآن كان سباب هو و الصديق رضِي الله عنه هُم أم من يرمون الناس بالباطل لمُجرد الإختلاف معهم في بعض الأمور أو حتى الإختلاف الأيدولوجي معهم.            أؤمن تمام الإيمان بأن الله عزيزٌ ذو إنتقام و لكن لماذا تأخر هذا الإنتقام إذا كان ما تقولونه حقاً و لماذا لم ينتقم الله ممن قتلو و سحلوا و شردوا و عذبوا المئات بل و الآلاف من المُسلمين في بلادنا لماذا لم ينتقم الله عز و جل من أولئك اللواطيين و مُعاقري الخمور و الزُناة الذين تفيض بيهم شوارع الأُمة الإسلامية و العربية كُلها لماذا لم ينتقم الله من أولئك الذين أفقروا شعوبهم و عذبوا ابناء أوطانهم من أجل البقاء في منصب أو الحصول على مكاسب دُنيوية حقيرة مُتواضعة مالكم كيف تحكمون؟            بالفعل أمريكا عدو لنا و لكن كيف أستعددنا لهذا العدو الذي يحمي مصالحه في أرضنا و يمتص ثرواتنا و يُمارس السلب و النهب المُنظم بينما هُناك من يمُد له يده و يحتضنها برفق و يعتبره الصديق الصدوق من أبناء الأُمة الإسلامية كيف و نحن نعيش على أسلحته التي يبيعنا إياها و يُدرك حجم قواتنا و تسليحنا و قُدراتنا باكثر مما نُدرك نحن كيف أستعددنا لمعركة مع من نعيش تحت وطأة و ثِقل أقدامهم و هي تدهس أحلامنا البسيطة في عيش كريم و حُرية و عدالة قضائية و إجتماعية.            عزيزي المُعتقد أن الكوارث الطبيعية هي إنتقام الله و قد تكون بالفعل هلا أنتقمت أنت لدينك و لنفسك و توقفت قليلاً عن طلب الإنتقام من الله فإن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم هلا تأملت و تدبرت فيما يحدُث في أرضك و وطنك من ظُلم و إستبداد و فساد هلا أنتفضت لما حدث مؤخراً على يد أبناء الداخلية من تعذيب و تلفيق تُهم لناشطين سياسيين أو حقوقين هل سألت نفسك أيُهم أفضل لك و لدينك و لحياتك أن تشمت في الأمريكان أو أن تغضب لتعاليم و قيم دينك المُهدرة على يد حكومتك و أبناء وطنك سامحك الله يا سيدي الفاضل.